[ له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ] اى له سبحانه ما في الوجود كله : السموات السبع، والأرضون، وما بينهما من المخلوقات، وما تحت التراب من معادن ومكنونات، الكل ملكه وتحت تصرفه وقهره وسلطانه
[ وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ] اي وان تجهر بالقول او تخفيه في نفسك، فسواء عند ربك، فانه يعلم السر وما هو اخفى منه، كالوسوسة والهاجس والخاطر.. والغرض من الآية طمأنينة قلبه (ص) بأن ربه معه يسمعه، ولن يتركه وحيدا يواجه الكافرين بلا سند، فاذا كان يدعوه جهرا، فانه يعلم السر وما هو اخفى، والقلب حين يستشعر قرب الله منه، وعلمه بسره ونجواه، يطمئن ويرضى ويأنس بهذا القرب الكريم
[ الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى ] اي ربكم هو الله المتفرد بالوحدانية، لا معبود بحق سواه، ذو الاسماء الحسنة التي هي في غاية الحسن، وفي الحديث :(ان لله تسعة وتسعين إسما من أحصاها دخل الجنة)
[ وهل أتاك حديث موسى ] الاستفهام للتقرير وغرضه التشويق لما يلقى اليه، اى هل بلغك يا ايها الرسول خبر موسى، وقصته العجيبة الغريبة ؟
[ إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا ] اى حين رأى نارا فقال لإمرأته : أقيمي مكانك فإني ابصرت نارا، قال ابن عباس : هذا حين قضى الأجل، وسار بأهله من مدين يريد مصر، وكان قد أخطأ الطريق، وكانت ليلة مظلمة شاتية، فجعل يقدح بالزناد قلا يخرج منها شرر، فبينما هو كذلك اذ بصر بنار من بعيد على يسار الطريق، فلما رآها ظنها نارا وكانت من نور الله
[ لعلي آتيكم منها بقبس ] اي لعلى آتيكم بشعلة من النار تستدفئون بها
[ أو أجد على النار هدى ] اي اجد هاديا يدلني على الطريق
[ فلما أتاها نودي يا موسى إني أنا ربك فاخلع نعليك ] اي فلما أتى النار وجدها نارا بيضاء، تتقد في شجرة خضراء، وناداه ربه يا موسى (( قال سيد قطب تغمده الله بالرحمة، وجمل قاتليه باللعنة : إن القلب ليجف، وإن الكيان ليرتجف، وهو يتصور ذلك المشهد.. موسى فريد في تلك الفلاة، والليل دامس، والظلام شامل، والصمت مخيم، وهو ذاهب يلتمس النار التي آنسها من جانب الطور، ثم إذا الوجود كله من حوله يتجاوب بذلك النداء العلوي ﴿إنى أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى﴾ )) : اني انا ربك الذى اكلمك، فاخلع النعلين من قدميك رعاية للأدب، وأقبل
[ إنك بالواد المقدس طوى ] اي فإنك بالوادي المطهر المبارك المسمى طوى
[ وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى ] اي اصطفيتك للنبوة فاستمع لما اوحيه اليك، قال الفخر الرازي : فيه نهاية الهيبة والجلالة، فكأنه قال : لقد جاءك امر عظيم هائل فتأهب له، واجعل كل عقلك وخاطرك مصروفا اليه
[ إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني ] اي انا الله المستحق للعبادة لا اله غيري، فافردني بالعبادة والتوحيد
[ وأقم الصلاة لذكري ] اي اقم الصلاة لتذكرني فيها، قال مجاهد : اذا صلى ذكر ربه لاشتمالها على الاذكار، وقال الصاوي : خص الصلاة بالذكر، لان كانت داخلة في جملة العبادات لعظم شأنها، واحتوائها على الذكر، وشغل القلب واللسان والجوارح، فهي افضل اركان الدين بعد التوحيد
[ إن الساعة آتية أكاد أخفيها ] اى ان الساعة قادمة وحاصلة لا محالة، أكاد اخفيها عن نفسي فكيف اطلعكم عليها ؟ قال المبرد : وهذا على عادة العرب فإنهم يقولون اذا بالغوا في كتمان الشيء : كتمته حتى من نفسي، اي لم اطلع عليه احدا