[ وأضلهم السامري ] اي وأوقعهم السامري فى الضلالة، بسبب تزيينه لهم عبادة العجل، وكان السامري ساحرا منافقا من قوم يعبدون البقر، قال المفسرون : كان موسى حين جاء لمناجاة ربه، قد استخلف على بني اسرائيل أخاه (هارون ) وأمره ان يتعهدهم بالإقامة على طاعة الله، وفي اثناء غيبة موسى جمع السامري الحلى ثم صنع منها عجلا، ودعاهم الى عبادته فعكفوا عليه، وكانت تلك الفتنة وقعت لهم بعد خروج موسى من عندهم بعشرين يوما
[ قرجع موسى الى قومه غضبان أسفا ] اي رجع موسى من الطور - بعدما استوفى الأربعين وأخذ التوراة - غضبان شديد الحزن على ما صنع قومه من عبادة العجل
[ قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا ] اي ألم يعدكم ربكم بإنزال التوراة فيها الهدى والنور ؟ والاستفهام للتوبيخ
[ أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي ] اي هل طال عليكم الزمن حتى نسيتم العهد ؟ ام أردتم بصنيعكم هذا، أن ينزل عليكم سخط الله وغضبه فأخلفتم وعدي ؟ قال ابو حيان : وكانوا وعدوه بأن يتمسكوا بدين الله وسنة موسى عليه السلام، ولا يخالفوا أمر الله أبدا، فأخلفوا موعده بعبادتهم العجل
[ قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ] اي ما أخلفنا العهد بإرادتنا وإختيارنا، بل كنا مكرهين
[ ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها ] اي حملنا اثقالا واحمالا من حلى آل فرعون، فطرحناها في النار بأمر السامرى، قال مجاهد :[ أوزارا ] اي اثقالا وهي الحلي التي استعاروها من آل فرعون
[ فكذلك ألقى السامرى ] اي كذلك فعل السامري، ألقى ما كان معه من حلي القوم في النار، قال المفسرون : كان بنو اسرائيل قد استعاروا من القبط الحلي، قبل خروجهم من مصر، فلما أبطأ موسى في العودة اليهم، قال لهم السامري : انما احتبس عليكم لأجل ما عندكم من الحلي، فجمعوه ودفعوه الى السامري، فرمي به في النار، وصاغ لهم منه عجلا، ثم ألقى عليه قبضةَ من أثر فرس جبريل عليه السلام فجعل يخور فذلك قوله تعالى :
[ فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار ] اي صاغ لهم السامري من تلك الحلى المذابة عجلا جسدا بلا روح، له خوار وهو صوت البقر (( قال الرازي : قيل إنه صار حيا وخار، وقيل : لم تحله الحياة وإنما جعل فيه منافذ تدخل فيه الريح فيخرج له صوت يشبه صوت العجل
[ فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي ] اي هذا العجل إلهكم وإله موسى، فنسي موسى إلهه هنا وذهب يطلبه في الطور، قال قتادة : نسي موسى ربه عندكم، فعكفوا عليه يعبدونه، قال تعالى ردا عليهم، وبيانا لسخافة عقولهم في عبادة العجل
[ أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ] اي أفلا يعلمون ان العجل الذي زعموا انه إلههم لا يرد لهم جوابا، ولا يقدر ان يدفع عنهم ضرا او يجلب لهم نفعا ؟ فكيف يكون إلها ؟ والاستفهام للتوبيخ والتقريع
[ ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به ] اى قال لهم هارون ناصحا ومذكرا من قبل رجوع موسى اليهم : انما ابتليتم وأضللتم بهذا العجل
[ وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري ] وإن ربكم المستحق للعبادة هو (الرحمن ) لا العجل، فاقتدوا بي فيما أدعوكم اليه من عبادة الله، واطيعوا امري بترك عبادة العجل


الصفحة التالية
Icon