[ قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ] اي قالوا : لن نزال مقيمين على عبادة العجل، حتى يعود الينا موسى، فننظر في الأمر (( قال سيد قطب عليه الرحمة في تفسير الظلال :" ما كاد بنو إسرائيل يرون عجلا من ذهب يخور حتى نسوا ربهم الذي أنقذهم من أرض الذل وعكفوا على عجل الذهب، وفي بلاهة فكر، وبلادة روح قالوا :﴿هذا إلهكم وإله موسى ﴾ راح يبحث عنه عند الجبل وهو هنا معنا وقد نسي موسى الطريق الى ربه وضل عنه، وهى قولة تضيف إلى معنى البلادة والتفاهة اتهامهم لنبيهم بأنه غير موصول بربه حى ليضل الطريق إليه فلا هو يهتدي ولا ربه يهديه، وهذا العجل لم يكن حيا يسمع قولهم ويستجيب نداءهم لأنه جسد لا حياة فيه، فهو في درجة أقل من درجة الحيوانية، ولقد نصحهم هارون ولكنهم بدلا من الاستجابة التووا وتملصوا من نصحه " ))
[ قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن ] ؟ في الكلام حذف اي فلما رجع موسى، ووجدهم عاكفين على عبادة العجل، امتلأ غضبا لله، وأخذ برأس اخيه هارون يجره اليه، وقال له : اى شيء منعك حين رأيتهم كفروا بالله، ان لا تتبعني في الغضب لله، والزجر لهم عن ذلك الضلال ؟
[ أفعصيت أمري ] اي أخالفتني وتركت أمري ووصيتي ؟ وأمره هو ما كان أوصاه به فيما حكاه تعالى عنه [ وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ]
[ قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتى ولا برأسي ] اي قال له هارون استعطافا وترقيقا : يا ابن أمي - اي يا أخي - لا تأخذ بلحيتي ولا بشعر رأسي، قال ابن عباس : أخذ شعر رأسه بيمينه، ولحيته بشماله، من شدة غيظه وفرط غضبه، لأن الغيرة في الله ملكته
[ إني خشيت أن تقول فرقت بين بني اسرائيل ] اى اني خفت ان زجرتهم بالقوة، أن يقع قتال بينهم، فتلومني على ذلك وتقول لي : لقد أشعلت الفتنة بينهم
[ ولم ترقب قولي ] اى لم تنتظر أمرى فيهم، فمن اجل ذلك رايت ألا أفعل شيئا، حتى ترجع اليهم، لتتدارك الأمر بنفسك، قال ابن عباس : وكان هارون هائبا مطيعا له
[ قال فما خطبك يا سامري ] اي ما شأنك فيما صنعت ؟ وما الذي حملك عليه يا سامري ؟
[ قال بصرت بما لم يبصروا به ] اي قال السامري : رأيت ما لم يروه، وهو أن جبريل جاءك على فرس الحياة فألقي في نفسي أن أقبض من أثره قبضة، فما ألقيته على شيء إلا دبت فيه الحياة
[ فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها ] اي قبضت شيئا من أثر فرس جبريل، فطرحتها على العجل فكان له خوار
[ وكذلك سولت لي نفسي ] اي وكذلك حسنت وزينت لى نفسي
[ قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس ] اي قال موسى للسامرى : عقوبتك في الدنيا الا تمس أحدا ولا يمسك أحد، قال الحسن : جعل الله عقوبة السامري ألا يمس الناس ولا يمسوه، عقوبة له في الدنيا ؟ وكان الله عز وجل شدد عليه المحنة عقوبة له.
[ وإن لك موعدا لن تخلفه ] اي وان لك موعدا للعذاب في الآخرة لن يتخلف
[ وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا ] اي انظر الى هذا العجل الذي اقمت ملازما على عبادته
[ لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا ] اي لنحرقنه بالنار، ثم لنطيرنه رمادا في البحر، لا يبقى منه عين ولا أثر
[ إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو ] اي يقول موسى لبني اسرائيل : انما معبودكم المستحق للعبادة، هو الله الذى لا رب سواه
[ وسع كل شيء علما ] اي وسع علمه كل شيء، فلا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلي :
١ - التهويل [ فغشيهم من اليم ما غشيهم ].
٢ - الطباق بين [ أضل.. وهدى ].
٣ - الاستعارة [ فقد هوى ] استعار لفظ الهوي وهو السقوط من علو الى سفل للهلاك والدمار.