[ واجعلوا بيوتكم قبلة ] اي اجعلوها مصلى (( وقيل : المراد اجعلوا بيوتكم موجهة إلى جهة القبلة )) تصلون فيها عند الخوف، قال ابن عباس : كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا في بيوتهم
[ وأقيموا الصلاة ] اي أدوا الصلاة المفروضة في اوقاتها، بشروطها واركانها على الوجه الأكمل
[ وبشرِ المؤمنين ] أي بشر يا موسى اتباعك المؤمنين بالنصر والغلبة على عدوهم
[ وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالا في الحياة الدنيا ] أي قال موسى يا ربنا إنك اعطيت فرعون وكبراء قومه وأشرافهم، زينة من متاع الدنيا واثاثها، وأنواعا كثيرة من المال
[ ربنا ليضلوا عن سبيلك ] اللام لام العاقبة (( هذه اللام كقوله تعالى ﴿فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا﴾ وفي الخبر (لدوا للموت وابنوا للخراب ) أي لتكون العاقبة الموت والخراب)) اي آتيتهم تلك الأموال الكثيرة لتكون عاقبة أمرهم إِضلال الناس عن دينك، ومنعهم من طاعتك وتوحيدك
[ ربنا اطمس على أموالهم ] أي أهلك أموالهم يا الله وبددها
[ واشدد على قلوبهم ] أي قس قلوبهم واطبع عليها حتى لا تنشرح للإِيمان، قال ابن عباس : أي امنعهم الإيمان
[ فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ] دعا : عليهم بلفظ النفى اي اللهم فلا يؤمنوا حتى يذوقوا العذاب المؤلم، ويوقنوا به حيث لا ينفعهم ذلك، وانما دعا عليهم موسى، لطغيانهم وشدة ضلالهم، وقد علم بطريق الوحي انهم لن يؤمنوا فدعا عليهم، قال ابن عباس : كان موسى يدعو وهارون يؤمن فنسبت الدعوة إِليهما
[ قال قد أجيبت دعوتكما ] أي قال تعالى قد استجبت دعوتكما على فرعون واشراف قومه
[ فاستقيما ] أي اثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة إلى الله وإلزام الحجة
[ ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون ] أي لا تسلكا سبيل الجهلة في الإستعجال، او عدم الاطمئنان بوعد الله تعالى، قال الطبرى : روي أنه مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة ثم اغرق الله فرعون في البحر.
البلاغة :
١ - [ فعلى الله توكلت ] تقديم ما حقه التأخير لإفادة الحصر أي على الله لا على غيره.
٢ - [ ويحق الحق ] بينهما جناس الاشتقاق.
٣ - [ لا يكن أمركم عليكم غمة ] شبه الأمر الخفي الملتبس بالغمة بطريق الاستعارة أي لا يكن امركم مغطى تغطية حيرة، ومبهما فيكون كالغمة العمياء.
٤ - [ واشدد على قلوبهم ] الشد استعارة عن تغليظ العقاب، ومضاعفة العذاب.
تنبيه :
قال ابن كثير : دعوه موسى على فرعون كانت غضبا لله ولدينه كما دعا نوح على قومه فقال [ ربى لا تذر على الأرض من الكافرين دياراَ، إنك إِن تذرهم يضلوا عبادك ] ولهذا استجاب الله لموسى دعوته التي شاركه فيها اخوه هارون، كما استجاب دعوة نوح عليه السلام.
قال الله تعالى :[ وجاوزنا ببني إسرائيل البحر.. الى.. وهو خير الحاكمين ] من آية ( ٩٠) الى نهاية السورة الكريمة.
المناسبة :
لما ذكر تعالى دعاء موسى على فرعون لطغيانه، ذكر هنا ما حدث لفرعون وجنوده من الإغراق في البحر، نتيجة البغي والعدوان، وان إِيمانه لم ينفعه لأنه إِيمان المضطر، ثم ذكر قصة يونس وتوبة الله تعالى على قومه، وختم السورة الكريمة ببيان حقيقة التوحيد، وان الإنسان لا ينجيه عند الله الا الإيمان والعمل الصالح.
اللغة :
[ بوأنا ] أنزلنا وأسكنا
[ الممترين ] الشاكين، امترى : شك وارتاب
[ فلولا ] لولا للتحضيض بمعنى هلا
[ الرجس ] العذاب أو السخط
[ حنيفا ] مائلا عن الأديان الباطلة كلها
[ يمسسك ] يصبك
[ كاشف ] داقع ومزيل يقال : كشف السوء أي أزاله
[ بوكيل ] حفيظ موكول إِليً أمركم.
التفسير :
[ وجاوزنا ببني إِسرائيل البحر ] أي قطعنا وعدينا ببني إِسرائيل البحر " بحر السويس " حتى جاوزوه


الصفحة التالية
Icon