[ أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ] اي أفتقبلون السحر وانتم تعلمون انه سحر ؟ قال الالوسي : ارادوا ان ما اتى به محمد عليه السلام من قبيل السحر، وذلك بناء على ما ارتكز في اعتقادهم ان الرسول لا يكون الا ملكا، وان كل ما جاء به من الخوارق من قبيل السحر، وعنوا بالسحر القرآن
[ قال ربي يعلم القول في السماء والأرض ] اي قال محمد (ص) ان ربي لا يخفى عليه شيء مما يقال في السماء والارض
[ وهو السميع العليم ] اي السميع بأقوالكم، العليم بأحوالكم، وفي هذا تهديد لهم ووعيد
[ بل قالوا أضغاث أحلام ] هذا اضراب من جهته تعالى، وانتقال الى ما هو اشنع واقبح، حيث قالوا عن القرآن انه اخلاط منامات
[ بل افتراه ] اي اختلقه محمد من تلقاء نفسه
[ بل هو شاعر ] اي بل محمد شاعر وما أتى به شعر، يخيل للسامع انه كلام رائع مجيد، قال في التسهيل : حكى الله عنهم هذه الاقوال الكثيرة، ليظهر اضطراب امرهم، وبطلان اقوالهم، فهم متحيرون لا يستقرون على شيء
[ فليأتنا بآية كما ارسل الأولون ] اي فليأتنا محمد بمعجزة خارقة تدل على صدقه، كما ارسل موسى (بالعصا) وصالح (بالناقة)
[ ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون ] اي ما صدق قبل مشركي مكة اهل القرى الذين اقترحوا على انبيائهم الآيات، بل كذبوا فأهلكهم الله، أفيصدق هؤلاء بالآيات لو رأوها ؟ كلا، قال ابو حيان : وهذا استبعاد وانكار اي هؤلاء أعتى من الذين اقترحوا على انبيائهم الآيات، فلوا اعطيناهم ما اقترحوا لكانوا اضل من اولئك، واستحقوا عذاب الاستئصال، ولكن الله تعالى حكم بإبقائهم، لعلمه انه سيخرج منهم مؤمنون
[ وما ارسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم ] اي وما ارسلنا قبلك يا محمد الا رسلا من البشر لا ملائكة، فكيف ينكر هؤلاء المشركون رسالتك ويقولون : ما هذا الا بشر مثلكم ؟
[ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ] اي فاسالوا يا اهل مكة العلماء بالتوراة والانجيل، هل كان الرسل الذين جاءوهم بشرا ام ملائكة ؟ ان كنتم لا تعلمون ذلك
[ وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام ] اي ما جعلنا الانبياء اجسادا لا يأكلون ولا يشربون كالملائكة، بل هم كسائر البشر يأكلون ويشربون، وينامون ويموتون
[ وما كانوا خالدين ] اي ما كانوا مخلدين في الدنيا لا يموتون
[ ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء ] اي ثم صدقنا الانبياء ما وعدناهم به من نصرهم، واهلاك مكذبيهم، وانجائهم مع اتباعهم المؤمنين
[ وأهلكنا المسرفين ] اي واهلكنا المكذبين للرسل، المجاوزين الحد في الكفر والضلال، وهذا تخويف لاهل مكة
[ لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم ] اللام للقسم اي والله لقد انزلنا اليكم يا معشر العرب، كتابا عظيما مجيدا لا يماثله كتاب، فيه شرفكم وعزكم لانه بلغتكم
[ أفلا تعقلون ] اي افلا تعقلون هذه النعمة، فتؤمنون بما جاءكم به محمد عليه السلام ؟
[ وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة ] اي وكثير من اهل القرى، الذين كفروا بآيات الله وكذبوا رسله اهلكناهم
[ وأنشأنا بعدها قوما آخرين ] اي وخلقنا امة اخرى بعدهم
[ فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون ] اي فلما رأوا عذابنا بحاسة البصر، وتيقنوا نزوله، اذا هم يهربون فارين منهزمين، قال ابو حيان : لما ادركهم مقدمة العذاب، ركبوا دوابهم يركضونها هاربين منهزمين
[ لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ] اي تقول لهم الملائكة استهزاء : لا تركضوا هاربين من نزول العذاب، وارجعوا الى ما كنتم فيه من النعمة والسرور، ولين العيش
[ ومساكنكم ] اي ارجعوا الى مساكنكم الطيبة
[ لعلكم تسألون ] اي لعلكم تسألون عما جرى عليكم، وهذا كله من باب الاستهزاء والتوبيخ


الصفحة التالية
Icon