[ قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين ] اي قالوا : يا هلاكنا ودمارنا، انا كنا ظالمين بالإشراك وتكذيب الرسل، اعترفوا وندموا حين لا ينفعهم الندم
[ فما زالت تلك دعواهم ] اي فما زالت تلك الكلمات التي قالوها، يكررونها ويرددونها
[ حتى جعلناهم حصيدا خامدين ] اي حتى اهلكناهم بالعذاب، وتركناهم مثل الحصيد، موتى كالزرع المحصود بالمناجل
[ وما خلقنا السماء والارض وما بينهما لاعبين ] اي لم نخلق ذلك عبثا وباطلا، وانما خلقناهما دلالة على قدرتنا ووحدانيتنا، ليعتبر الناس ويستدلوا بالخلق على وجود الخالق المدبر الحكيم
[ لو أردنا أن نتخذ لهوا ] قال ابن عباس : هذا رد على من قال اتخذ الله ولدا، والمعنى : لو اردنا ان نتخذ ما يتلهى به من زوجة او ولد
[ لاتخذناه من لدنا ] اي لاتخذناه من عندنا، من الحور العين، او من الملائكة
[ إن كنا فاعلين ] اى لو اردنا فعل ذلك، لاتخذناه من طرفنا، ولكنه مناف للحكمة فلم نفعله
[ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه ] اى بل نرمي بالحق المبين على الباطل المتزعزع فيقمعه ويبطله
[ فإذا هو زاهق ] اى هالك تالف
[ ولكم الويل مما تصفون ] اى ولكم يا معشر الكفار العذاب والدمار، من وصفكم الله تعالى بما لا يجوز من الزوجة والولد
[ وله من في السموات والأرض ] اى وله جل وعلا جميع المخلوقات، ملكا وخلقا وتصرفا، فكيف يجوز ان يشرك به ما هو عبد ومخلوق له ؟
[ ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ] اى والملائكة الذين عبدتموهم من دون الله، لا يتكبرون عن عبادة مولاهم، ولا يعيون ولا يملون
[ يسبحون الليل والنهار لا يفترون ] اى هم في عبادة دائمة ينزهون الله عما لا يليق به، ويصلون ويذكرون الله ليل نهار، لا يضعفون ولا يسأمون
[ أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون ] لما ذكر تعالى الدلائل على وحدانيته وان كل من في السموات والارض ملك له، وان الملائكة المقربين في طاعته وخدمته، عاد الى ما كان عليه من توبيخ المشركين وذمهم وتسفيه احلامهم، و[ ام ] منقطعة بمعنى " بل " والهمزة فيها استفهام معناه التعجب والانكار، والمعنى : هل اتخذ هؤلاء المشركون آلهة من الارض، قادرين على احياء الموتى ؟ لا، بل اتخذوا آلهة جمادا، لا تتصف بالقدرة على شيء، فهى ليست بآلهة على الحقيقة، لان من صفة الإله، القدرة على الاحياء والاماتة
[ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ] هذا برهان على وحدانيته تعالى، اي لو كان في الوجود آلهة غير الله، لفسد نظام الكون كله، لما يحدث بين الآلهة من الاختلاف والتنازع (( قال المفسرون : في الآية دليل على (التمانع ) الذي أورده الأصوليون، وذلك أنا لو فرضنا إلهين فأراد أحدهما شيئا وأراد الآخر نقيضه، فإما أن تنفذ إرادة كل منهما وذلك محال لإستحالة اجتماع النقيضين، وإما أن تنفذ إرادة واحد منهما دون الآخر فيكون الأول الذى تنفذ إرادته هو الإله، والثانى عاجز فلا يصلح أن يكون إلها )) في الخلق والتدبير، وقصد المغالبة، الا ترى انه لا يوجد ملكان في مدينة واحدة، ولا رئيسان في دانرة واحدة ؟
[ فسبحان الله رب العرش عما يصفون ] اي تنزه الله الواحد الاحد، خالق العرش العظيم، عما بصفه به اهل الجهل، من الشريك والزوجة والولد
[ لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ] اي لا يسأل تعالى عما يفعل، لانه مالك كل شيء، والمالك يفعل في ملكه ما يشاء، ولانه حكيم فافعاله كلها جارية على الحكمة، وهم يسألون عن اعمالهم لانهم عبيد
[ ام اتخذوا من دونه آلهة ] كرر هذا الانكار، استعظاما للشرك ومبالغة في التوبيخ اى هل اتخذوا آلهة من دون الله تصلح للعبادة والتعظيم ؟
[ قل هاتوا برهانكم ] اي قل يا محمد لاولئك المشركين : ائتوني بالحجة والبرهان على ما تقولون


الصفحة التالية
Icon