[ هذا ذكر من معي وذكر من قبلي ] اي هذا الكتاب الذى معي، والكتب التي من قبلي (كالتوراة والانجيل ) ليس فيها ما يقتضى الاشراك بالله، ففي اى كتاب نزل هذا ؟ في القرآن ام في الكتب المنزلة على سائر الانبياء ؟ فما زعمتموه من وجود الآلهة، لا تقوم عليه حجة، لا من جهة العقل ولا النقل، بل كتب الله السابقة شاهدة بتنزيهه تعالى عن الشركاء والانداد
[ بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون ] اي بل اكثر المشركين لا يعلمون التوحيد، فهم معرضون عن النظر والتأمل في دلائل الايمان، وبراهين التوحيد.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - التنكير في (غفلة) للتعظيم والتفخيم [ وهم في غفلة ] اى غفلة هائلة.
٢ - صيغة المبالغة [ السميع العليم ] فان " فعيل " من صيغ المبالغة.
٣ - الاضراب بطريق الترقي [ بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر ] وهذا الاضطراب في وصف القرآن، يدل على التردد والتحير في تزويرهم للحق الساطع المنير، فقولهم الثاني افسد من الاول، والثالث افسد من الثاني.
٤ - الانكار التوبيخي [ أفلا تعقلون ] ؟ فيه توبيخ وتقريع لهم.
٥ - التشبيه البليغ [ حصيدا خامدين ] اى جعلناهم كالزرع المحصود وكالنار الخامدة، حذفت اداة التشبيه ووجه الشبه، فأصبح بليغا.
٦ - الاستعارة التمثيلية [ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه ] شبه الحق بقذيفة قاتلة مهلكة بطريق (التمثيل ) فكأنه رمي بجرم صلب، على راس دماغ الباطل فشقه، وفي هذا التعبير مبالغة بديعة في ازهاق الباطل.
٧ - طباق السلب [ لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ].
٨ - التبكيت والقام الحجر للخصم [ قل هاتوا برهانكم ].
فائدة :
سئل كعب عن الملائكة كيف يسبحون الليل والنهار لا يفترون ؟ اما يشغلهم شأن، اما تشغلهم حاجة ؟ فقال للسائل : يا ابن اخي جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس، ألست تأكل وتشرب، وتقوم وتجلس، وتجيء وتذهب وانت تتنفس ؟ فكذلك جعل لهم التسبيح).
قال الله تعالى :[ وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي.. ] الى قوله [ أفأنتم له منكرون ] من آية (٢٥) الى نهاية آية ( ٥٠).
المناسبة :
لما بين تعالى احوال المشركين، واقام الادلة والبراهين على وحدانية الله، وبطلان تعدد الآلهة، ذكر هنا ان دعوة الرسل جميعا انما جاءت لبيان التوحيد، ثم ساق الادلة على قدرة الله ووحدانيته، في هذا الكون العجيب.
اللغة :
[ رتقا ] الرتق : الضم والالتحام وهو ضد الفتق " يقال : رتقت الشيء ارتقه اى التأم، ومنه الرتغاء للمنضمة الفرج
[ تميد ] تتحرك وتضطرب
[ فجاجا ] جمع فج وهو المسلك والطريق الواسع
[ يسبحون ] يجرون ويسيرون بسرعة كالسابح في الماء
[ فتبهتهم ] تدهشهم وتحيرهم، قال الجوهرى : بهته بهتا أخذه بغتة وقال الفراء : بهته اذا واجهه بشيء يحيره
[ يكلأكم ] يحرسكم ويحفظكم، والكلاءة : الحراسة والحفظ..
سبب النزول :
مر النبي (ص)على أبى سفيان وابي جهل وهما يتحدثان، فلما رآه ابو جهل ضحك، وقال لابي سفيان : هذا نبى بنى عبد مناف كالمستهزىء برسول الله (ص) فرجع رسول الله (ص) الى (ابو جهل ) وقال له : ما اراك منتهيا حتى يصيبك ما اصاب عمك (الوليد بن المغيرة) فنزلت الآية [ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا... ] الآية.
التفسير :
[ وما أرسلنا من قبلك من رسول ] اي وما بعثنا قبلك يا محمد رسولا من الرسل
[ إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا ] اي الا اوحينا اليه انه لا رب ولا معبود بحق سوى الله
[ فاعبدون ] اي فاعبدوني وحدي وخصوني بالعبادة، ولا تشركوا معي احدا
[ وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ] اي قال المشركون : اتخذ الله من الملائكة ولدا، وهم حى من خزاعة قالوا : الملائكة بنات الله