[ سبحانه ] اي تنزه الله وتقدس عما يقول الظالمون
[ بل عباد مكرمون ] اي بل هم عباد مبجلون، اصطفاهم الله، فهم مكرمون عنده في منازل عالية، ومقامات سامية، وهم في غاية الطاعة والخضوع لله عز وجل
[ لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ] اي لا يقولون شيئا حتى يقوله سبحانه، شانهم شأن العبيد المؤدبين، وهم بطاعته واوامره يعملون، لا يخالفون ربهم في امر من الاوامر
[ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ] اي علمه تعالى محيط بهم لا يخفى عليه منهم خافية
[ ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ] اي لا يشفعون يوم القيامة الا لمن رضي الله عنه، وهم اهل الايمان، اهل شهادة (لا اله الا الله، محمد رسول الله )
[ وهم من خشيته مشفقون ] اي وهم من خوف الله ورهبته خائفون حذرون، لانهم يعرفون عظمة الله، قال الحسن : يرتعدون من خشية الله
[ ومن يقل منهم إني إله من دونه ] اي ومن يقل من الملائكة اني إله ومعبود مع الله
[ فذلك نجزيه جهنم ] اي فعقوبته جهنم، قال المفسرون : هذا على وجه التهديد، وعلى سبيل الفرض والتقدير، لان هذا شرط، والشرط لا يلزم وقوعه، والملائكة معصومون عن ادعاء الالوهية
[ كذلك نجزي الظالمين ] اي مثل ذلك الجزاء الشديد، نجزي من ظلم وتعدى حدود الله
[ أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ] استفهام توبيخ لمن ادعى مع الله آلهة، ورد على عبدة الاوثان، اي أولم يعلم هؤلاء الجاحدون ان السموات والارض كانتا شيئا واحدا ملتصقتين، ففصل الله بينهما ورفع السماء الى حيث هي، واقر الارض كما هي ؟ قال الحسن : كانت السموات والارض ملتزقتين، ففصل الله بينهما بالهواء وقال ابن عباس : كانت السموات رتقا لا تمطر، وكانت الارض رتقا لا تنبت، ففتق هذه بالمطر، وهذه بالنبات
[ وجعلنا من الماء كل شىء حي ] اي جعلنا الماء اصل كل الاحياء، وسببا للحياة، فلا يعيش بدونه انسان ولا حيوان ولا نبات
[ أفلا يؤمنون ] اي افلا يصدقون بقدرة الله ؟
[ وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم ] اي جعلنا في الارض جبالا ثوابت لئلا تتحرك وتضطرب، فلا يستقر لهم عليها قرار
[ وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون ] اي وجعلنا في هذه الجبال مسالك وطرقا واسعة، كي يهتدوا الى مقاصدهم في الاسفار، قال ابن كثير : جعل في الجبال ثغرا، يسلكون فيها طُرقا، من قطر الى قطر، واقليم الى اقليم، كما هو المشاهد في الارض، يكون الجبل حائلا بين هذه البلاد وهذه، فيجعل الله فيها فجوة، ليسلك الناس فيها من ههنا الى ههنا
[ وجعلنا السماء سقفا محفوظا ] اي جعلنا السماء كالسقف للارض، محفوظة من الوقوع والسقوط، قال ابن عباس : حفظت بالنجوم من الشياطين
[ وهم عن آياتها معرضون ] اي والكفار عن الآيات الدالة على وجود الخالق جل وعلا، وقدرته الباهرة من خلق (الشمس والقمر والنجوم ) وسائر الادلة والعبر، معرضون لا يتفكرون فيما ابدعته يد القدرة، من الخلق العجيب والتنظيم الفريد، الدال على الحكمة البالغة والقدرة الباهرة، قال القرطبي : بين تعالى ان المشركين غفلوا عن النظر في السموات وآياتها، من ليلها ونهارها، وشمسها وقمرها، وافلاكها ورياحها، وما فيها من القدرة الباهرة، اذ لو نظروا واعتبروا، لعلموا ان لها صانعا قادرا واحدا، يستحيل ان يكون له شريك
[ وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر ] اي وهو تعالى بقدرته، نوع الحياة فجعل فيها ليلا ونهارا، هذا في ظلامه وسكونه، وهذا بضيائه وانسه، يطول هذا تارة ثم يقصر اخرى وبالعكس، وخلق الشمس والقمر، آيتين عظيمتين دالتين على وحدانيته تعالى
[ كل في فلك يسبحون ] اي كل من الشمس والقمر والنجوم والكواكب والليل والنهار، يجرون ويسيرون بسرعة كالسابح في الماء