[ وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ] اي وما جعلنا لأحد من البشر قبلك يا محمد البقاء الدائم، والخلود في الدنيا
[ أفإن مت فهم الخالدون ] ؟ اي فهل اذا مت يا ايها الرسول سيخلدون بعدك في هذه الحياة ؟ لا لن يكون لهم ذلك، بل كل الى الفناء، قال المفسرون : هذا رد لقول المشركين [ شاعر نتربص به ريب المنون ] فأعلم تعالى بأن الانبياء قبله ماتوا، وتولى الله دينه بالنصر والحياطة، فهكذا نحفظ دينك وشرعك
[ كل نفس ذائقة الموت ] اي كل مخلوق الى الفناء، ولا يدوم الا الحى القيوم
[ ونبلوكم بالشر والخير فتنة ] اي ونختبركم بالمصائب والنعم، لنرى الشاكر من الكافر، والصابر من القانط، قال ابن عباس : نبتليكم بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلال وقال ابن زيد : نختبركم بما تحبون، لنرى كيف شكركم ؟ وبما تكرهون لنرى كيف صبركم
[ والينا ترجعون ] اي والينا مرجعكم فنجازيكم باعمالكم
[ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا ] اي اذا رآك كفار قريش كأبي جهل واشياعه، ما يتخذونك الا مهزوءا به، يسخرون منك ويهزءون يقولون :
[ أهذا الذى يذكر آلهتكم ] استفهام فيه انكار وتعجيب اي هذا الذي يسب آلهتكم، ويسفه احلامكم ؟
[ وهم بذكر الرحمن هم كافرون ] اي وهم كافرون بالله، يستهزئون برسول الله يعيبون من جحد إلهية اصنامهم، وهم جاحدون لإلهية الرحمن، وهذا غاية الجهل
[ خلق الإنسان من عجل ] اي ركب الانسان على العجلة، فخلق عجولا يستعجل كثيرا من الاشياء، وان كانت مضرة، قال ابن كثير : والحكمة في ذكر عجلة الانسان ههنا، انه لما ذكر المستهزئين بالرسول، وقع فى النفوس سرعة الانتقام منهم، واستعجلوا ذلك ولهذا قال
[ سأوريكم آياتي فلا تستعجلون ] اي سأريكم انتقامي واقتداري على من عصاني، فلا تتعجلوا الامر قبل اوانه
[ ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ] اي ويقول المشركون على سبيل الاستهزاء والسخرية : متى هذا العذاب الذي يعدنا به محمد ؟ ان كنتم يا معشر المؤمنين صادقين فيما اخبرتمونا به ؟ قال تعالى :
[ لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ] اي لو عرف الكافرون فظاعة العذاب حين لا يستطيعون دفع العذاب عن وجوههم وظهورهم، لانه محيط بهم من جميع جهاتهم، لما استعجلوا الوعيد، قال في البحر : وجواب [ لو ] محذوف لانه ابلغ في الوعيد واهيب، وقدره الزمخشري بقوله : لما كانوا بتلك الصفة من الكفر والاستهزاء والاستعجال، ولكن جهلهم هو الذي هونه عندهم
[ ولا هم ينصرون ] اى لا ناصر لهم من عذاب الله
[ بل تأتيهم بغتة فتبهتهم ] اى بل تأتيهم الساعة فجأة، فتدهشهم وتحيرهم
[ فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون ] اي فلا يقدرون على صرفها عنهم، ولا يمهلون ويؤخرون لتوبة واعتذار
[ ولقد استهزىء برسل من قبلك ] تسلية لرسول الله، عن استهزاء المشركين، اي والله لقد استهزىء برسل من قبلك يا محمد، اولي شأن خطير، وذوي عدد كثير
[ فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون ] اي فنزل وحل بالساخرين من الرسل العذاب الذى كانوا يستهزئون به، قال ابو حيان : سلاه تعالى، بأن من تقدمه من الرسل، وقع من اممهم الاستهزاء بهم، وان ثمرة استهزائهم جنوها هلاكا وعقابا في الدنيا والآخرة، فكذلك حال هؤلاء المستهزئين
[ قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن ] اي قل يا ايها الرسول لهؤلاء المستهزئين : من يحفظكم من بأس الرحمن في اوقاتكم قي ليلكم ونهاركم ؟ ومن يدفع عنكم عذابه وانتقامه ان اراد انزاله بكم ؟ وهو سؤال تقريع وتنبيه، كيلا يغتروا بما نالهم من نعم الله