[ بل هم عن ذكر ربهم معرضون ] اي بل هؤلاء الظالمون، معرضون عن كلام الله ومواعظه، لا يتفكرون ولا يعتبرون
[ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا ] اي هل لهم آلهة تمنعهم من العذاب غيرنا ؟
[ لا يستطيعون نصر أنفسهم ] اي لا يقدرون على نصر انفسهم، فكيف ينصرون عابديهم ؟
[ ولا هم منا يصحبون ] اي وليست هذه الآلهة، تستطيع ان تجير نفسها من عذاب الله، لانها في غاية العجز والضعف، فكيف ينجون غيرهم من العذاب ؟ قال ابن عباس :[ يصحبون ] يجارون اي لا يجيرهم منا احد، لان المجير صاحب لجاره،
[ بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر ] اي متعنا هؤلاء المشركين وآباءهم من قبلهم، بما رزقناهم من حطام الدنيا، حتى طالت اعمارهم في رخاء ونعمة، وحسبوا ان ذلك يدوم لهم، فاغتروا بذلك
[ أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ] اي افلا ينظرون فيعتبرون، باننا نأتي ارضهم فننقصها من اطرافها، بالفتح على النبي وتسليط المسلمين عليها ؟
[ أفهم الغالبون ] استفهام بمعنى التقريع والإنكار، اى هل هم الغالبون ام المغلوبون ؟ لا شك انهم المغلوبون، الاخسرون، الارذلون
[ قل إنما أنذرتكم بالوحي ] اي قل لهم يا محمد : انما اخوفكم واحذركم بوحى من الله، لا من تلقاء نفسي، فأنا مبلغ عن الله، ما انذرتكم به من العذاب والنكال
[ ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ] اي ولكنكم ايها المشركون، لشدة جهلكم وعنادكم، كالصم الذين لا يسمعون الكلام والانذار، فلا يتعظون ولا ينزجرون
[ ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ] اي ولئن اصابهم شيء خفيف، مما انذروا به من عذاب الله، ولو كان يسيرا
[ ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين ] اي ليعترفن بجريمتهم ويقولون : يا هلاكنا لقد كنا ظالمين لانفسنا، بتكذيبنا رسل الله
[ ونضع الموازين القسط ليوم القيامة ] اي ونقيم الموازين العادلة التي توزن بها الاعمال في يوم القيامة
[ فلا تظلم نفس شيئا ] اي فلا ينقص محسن من احسانه، ولا يزاد مسيء على اساءته
[ وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها ] اي وان كان العمل زنة حبة من خردل، جئنا بها واحضرناها، قال ابو السعود : اي وان كان في غاية القلة والحقارة، فإن حبة الخردل، مثَل في الصغر
[ وكفى بنا حاسبين ] اي كفى بربك ان يكون محصيا لاعمال العباد، مجازيا لهم عليها والغرض منه التحذير، فإن المحاسب اذا كان في العلم بحيث لا يمكن ان يشتبه عليه شي، وفي القدرة بحيث لا يعجز عن شيء، فحقيق بالعاقل ان يكون على اشد الخوف منه
[ ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ] اي ولقد اعطينا موسى وهارون (التوراة) الفارقة بين الحق والباطل، والهدى والضلال، نورا وضياء وتذكيرا للمؤمنين المتقين
[ الذين يخشون ربهم بالغيب ] اي هم الذين يخافون الله ولم يروه، لأنهم عرفوا بالنظر والاستدلال، ان لهم ربا عظيما قادرا يجازي على الاعمال، فهم يخشونه وان لم يروه
[ وهم من الساعة مشفقون ] اي وهم من اهوال القيامة وشدائدها، خائفون وجلون
[ وهذا ذكر مبارك أنزلناه ] اي وهذا القرآن العظيم، كتاب عظيم الشأن، فيه ذكر لمن تذكر، وعظة لمن اتعظ، كثير الخير، انزلناه عليكم بلغتكم
[ أفأنتم له منكرون ] اي أفانتم يا معشر العرب منكرون له ؟ وهو في غاية الجلاء والظهور ؟ قال الكرخي : الاستفهام للتوبيخ، والخطاب لأهل مكة فإنهم من اهل اللسان، يدركون مزايا الكلام ولطائفه، ويفهمون من بلاغة القرآن، ما لا يدركه غيرهم، مع ان فيه شرفهم وصيتَهم، فلو انكره غيرهم لكان الواجب عليهم، مناصبتَه وعداءه
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة من وجوه البيان والبديع ما يلي :
١ - جناس الاشتقاق [ أرسلنا.. رسول ].


الصفحة التالية
Icon