[ ويعملون عملا دون ذلك ] اي ويعملون اعمالا اخرى سوى الغوص، كبناء المدن، والقصور الشاهقة والامور التى يعجز عنها البشر
[ وكنا لهم حافظين ] اي نحفظهم عن الزيغ عن أمره، او الخروج عن طاعته، تعظيما له وتكريما.
البلاغة :
تضمنت الآيات من وجوه الفصاحة والبديع ما يلي :
١ - الاستعارة اللطيفة [ ثم نكسوا على رءوسهم ] شبه رجوعهم عن الحق الى الباطل، بانقلاب الشخص حتى يصبح اسفله اعلاه، بطريق (الاستعارة التمثيلية).
٢ - الطباق بين [ ينفعكم ] و[ يضركم ].
٣- المبالغة بالتعبير بلفظ المصدر [ كونى بردا ] اطلق المصدر واراد اسم الفاعل اي باردة او ذات برد.
٤ - عطف الخاص على العام [ فعل الخيرات واقام الصلاة وإيتاء الزكاة ] لأن الصلاة والزكاة من فعل الخيرات، وانما خصهما بالذكر تنبيها لعلو شأنهما وفضلهما.
٥ - الاحتراس [ وكلا آتينا حكما وعلما ] دفعا لتوهم انتقاص مقام داود عليه السلام.
٦ - المجاز المرسل [ وأدخلناه في رحمتنا ] اي في الجنة، لأنها مكان تنزل الرحمة فالعلاقة المحلية.
٧ - السجع غير المتكلف [ العابدين، الصابرين، الصالحين ] الخ.
تنبيه :
وصف تعالى الريح ههنا بقوله :[ عاصفة ] ووصفها فى مكان آخر بقوله :[ رخاء ] والعاصفة هي الشديدة، والرخاء هي اللينة، ولا تعارض بين الوصفين، لأن الريح كانت لينة طيبة، وكانت تسرع في جريها كالعاصف فجمعت الوصفين، فتدبر اسرار القرآن.
قال الله تعالى :[ وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر.. ] الى قوله [ وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون ] من آية (٨٣) الى نهاية السورة الكريمة.
المناسبة :
لما ذكر تعالى جملة من الانبياء (ابراهيم، نوح، لوط، داود، سليمان ) وما نال كثيرا منهم من الابتلاء، ذكر هنا قصة (ايوب ) وابتلاء الله له بانواع المحن، ثم اعقبها بذكر محنة (يونس ) و(زكريا) و(عيسى) وكل ذلك بقصد التسلية للرسول، ليتأسى بهم في صبرهم وبلائهم
اللغة :
[ ذا النون ] النون : الحوت وذا النون لقب (يونس بن متى) لابتلاع الحوت له
[ أحصنت ] الاحصان : العفة يقال : رجل محصن، وامرأة محصنة اي عفيفة
[ رغبا ورهبا ] الرغب : الرجاء، والرهب : الخوف
[ كفران ] الكفر والكفران : الجحود، واصله الستر، لأن الكافر يستر نعمة الله ويجحدها
[ حدب ] الحدب : ما ارتفع من الارض مأخوذ من حدبة الظهر، قال عنترة : فما رعشت يداي ولا ازدهانى تواترهم الى من الحداب
[ ينسلون ] يسرعون يقال : نسل الذئب نسلانا اي اسرع
[ حصب ] الحصب : ما توقد به النار كالحطب وغيره
[ زفير ] أنين وتنفس شديد
[ حسيسها ] الحسيس : الصوت والحس والحركة الذي يحس به من حركة الاجرام
[ السجل ] الصحيفة لأن بها يسجل المطلوب.
سبب النزول :
عن ابن عباس قال : لما نزل قوله تعالى :[ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ] شق ذلك على كفار قريش، وقالوا : شتم آلهتنا، وأتوا (ابن الزبعري ) وأخبروه فقال : لو حضرته لرددت عليه، قالوا : وما كنت تقول له ؟ قال : اقول له : هذا المسيح تعبده النصارى، وهذا عزير تعبده اليهود ؟ أفهما من حصب جهنم ؟ فعجبت قريش من مقالته، ورأوا أن محمدا قد خصم، فأنزل الله [ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ].
التفسير :
[ وأيوب إذ نادى ربه ] اي واذكر قصة نبي الله (ايوب ) حين دعا ربه بتضرع وخشوع
[ أني مسني الضر ] اي نالني البلاء والكرب والشدة، قال المفسرون : كان ايوب نبيا من الروم، وكان له اولاد ومال كثير، فأذهب الله ماله فصبر، لم أهلك الاولاد فصبر، ثم سلط البلاء والمرض على جسمه فصبر، فمر عليه ملأ من قومه، فقالوا : ما أصابه هذا الا بذنب عظيم فعند ذلك تضرع الى الله، فكشف عنه ضره