[ سبحانك إني كنت من الظالمين ] اي تنزهت يا ربى عن النقص والظلم، وقد كنت انا من الظالمين لنفسي، وانا الآن هن التائبين النادمين، فاكشف عني المحنة وفي الحديث :(ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء إلا استجيب له)
[ فاستجبنا له ونجيناه من الغم ] اي استجبنا لتضرعه واستغاثته، ونجيناه من الضيق والكرب الذي ناله حين التقمه الحوت
[ وكذلك ننجي المؤمنين ] اي كما نجينا (يونس ) من تلك المحنة، ننجي المؤمنين من الشدائد والاهوال اذا استغاثوا بنا
[ وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرنى فردا ] اي واذكر يا ايها الرسول خبر رسولنا (زكريا) حين دعا ربه دعاء مخلص منيب، قائلا : رب لا تتركني وحيدا بلا ولد ولا وارث، قال ابن عباس : كان سنه مائة وسن زوجته تسعا وتسعين
[ وأنت خير الوارثين ] اى وانت يا رب خير من يبقى، بعد كل من يموت من الخلق، قال الألوسي : وفيه مدح له تعالى بالبقاء، واشارة الى فناء من سواه من الاحياء، واستمطار لسحائب لطفه عز وجل
[ فاستجبنا له ] اي اجبنا دعاءه
[ ووهبنا له يحيى ] اي رزقناه ولدا اسمه (يحيى) على شيخوخته
[ وأصلحنا له زوجه ] اى جعلناها ولودا بعد ان كانت عاقرا، وقال ابن عباس : كانت سيئة الخلق طويلة اللسان فأصلحها الله تعالى، فجعلها حسنة الخلق
[ إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ] اي انما استجبنا دعاء من ذكر من الانبياء، لأنهم كانوا صالحين يجدون في طاعة الله ويتسابقون في فعل الطاعات وعمل الصالحات
[ ويدعوننا رغبا ورهبا ] اى طمعا ورجاء في رحمتنا، وخوفا وفزعا من عذابنا
[ وكانوا لنا خاشعين ] اي كانوا متذللين خاضعين لله، يخافونه في السر والعلن
[ والتي أحصنت فرجها ] اي واذكر (مريم ) البتول، التي اعفت نفسها عن الفاحشة وعن الحلال والحرام كقوله :[ لم يمسسني بشر ولم أك بغيا ] قال ابن كثير : ذكر تعالى قصة مريم وابنها عيسى، مقرونة بقصة زكريا وابنه يحيى، لان تلك مربوطة بهذه، فإنها ايجاد ولد من شيخ كبير قد طعن في السن، وامرأة عجوز لم تكن تلد في حال شبابها، وهذه اعجب فإنها ايجاد ولد من انثى بلا ذكر، ولذلك ذكر تعالى قصة مريم بعدها
[ فنفخنا فيها من روحنا ] اي امرنا جبريل فنفخ في فتحة درعها - قميصها - فدخلت النفخة الى جوفها فحملت بعيسى، واضاف الروح اليه تعالى على جهة التشريف
[ وجعلناها وابنها آية للعالمين ] اي وجعلنا مريم مع ولدها عيسى علامة واعجوبة للخلق، تدل على قدرتنا الباهرة ليعتبر بها الناس
[ إن هذه أمتكم أمة واحدة ] اي دينكم وملتكم التي يجب ان تكونوا عليها ايها الناس، ملة واحدة غير مختلفة وهي (ملة الاسلام ) والانبياء كلهم جاءوا برسالة التوحيد، قال ابن عباس : معناه دينكم دين واحد
[ وأنا ربكم فاعبدون ] اي وانا الهكم لا رب سواي، فأفردوني بالعبادة
[ وتقطعوا أمرهم بينهم ] اي اختلفوا في الدين واصبحوا فيه شيعا واحزابا، فمن موحد، ومن يهودي، ونصراني، ومجوسى
[ كل إلينا راجعون ] اي رجوعهم الينا وحسابهم علينا، قال الرازي : معنى الآية انهم جعلوا امر دينهم فيما بينهم قطعا، كما تتوزع الجماعة الشيء ويقتسمونه، تمثيلا لاختلافهم في الدين وصيرورتهم فرقا واحزابا شتى
[ فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن ] اي من يعمل شيئا من الطاعات، واعمال البر والخير، بشرط الايمان
[ فلا كفران لسعيه ] اي لا بطلان لثواب عمله، ولا يضيع شيء من جزائه
[ وإنا له كاتبون ] اي نكتب عمله في صحيفته، والمراد امر الملائكة بكتابة اعمال الخلق


الصفحة التالية
Icon