[ يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ] اي اذكر يوم نطوي السماء طيا مثل طي الصحيفة على ما كتب فيها، قال ابن عباس : كطي الصحيفة على ما فيها، فاللام بمعنى " على "
[ كما بدأنا أول خلق نعيده ] اي نحشرهم حفاة عراة غرلا، على الصورة التي بدأنا خلقهم فيها، وفي الحديث :" إنكم محشورون الى الله حفاة عراة غرلا [ كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ] ألا وإن اول الخلائق يكسى يوم القيامة (ابراهيم ) عليه السلام.. " الحديث
[ وعدا علينا ] اي وعدا مؤكدا لا يخلف ولا يبدل، لازم علينا انجازه والوفاء به
[ إنا كنا فاعلين ] اي قادرين على ما نشاؤه، وهو تأكيد لوقوع البعث
[ ولقد كتبنا في الزبور ] اي سجلنا وسطرنا في الزبور المنزل على داود
[ من بعد الذكر ] اي من بعد ما سطرنا في اللوح المحفوظ أزلا
[ أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ] اي ان الجنة يرثها المؤمنون الصالحون، قال ابن كثير : اخبر سبحانه في التوراة والزبور وسابق علمه، قبل ان تكون السموات والارض ان يورث امة محمد (ص) الارض، ويدخلهم الجنة وهم الصالحون، وقال القرطبي : احسن ما قيل فيها انه يراد بها ارض الجنة، لان الارض في الدنيا قد ورثها الصالحون وغيرهم، وهو قول ابن عباس ومجاهد، ويدل عليه قوله تعالى :[ وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض ] واكثر المفسرين على ان المراد بالعباد الصالحين امة محمد (ص)، وقال مجاهد :(الزبور) الكتب المنزلة، و(الذكر) أم الكتاب عند الله (( اختار هذا القول ابن جرير الطبري، والأظهر أنه الزبور الذي نزل على داود عليه السلام لقوله تعالى :﴿وأتينا داود زبورا﴾ ))
[ إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين ] اي ان في هذا المذكور في هذه السورة، من الاخبار والوعد والوعيد، والمواعظ البالغة، لكفاية لقوم خاضعين متذللين لله جل وعلا، المؤثرين لطاعة الله على طاعة الشيطان
[ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ] اى وما أرسلناك يا محمد الا رحمة للخلق أجمعين، وفي الحديث :" إنما أنا رحمة مهداة فمن قبل هذه الرحمة، وشكر هذه النعمة، سعد في الدنيا والآخرة (( لم يقل الله تعالى : رحمة للمؤمنين وإنما قال :﴿رحمة للعالمين ﴾ فإن الله سبحانه وتعالى رحم الخلق بإرسال سيد المرسلين (ص) لأنه جاءهم بالسعادة الكبرى، والنجاة من الشقاوة العظمى، ونالوا على يديه الخيرات الكثيرة في الاخرة والأولى، وعلمهم بعد الجهالة، وهداهم بعد الضلالة فكان رحمة للعالمين، حتى الكفار رحموا به حيث أخر الله عقوبتهم، ولم يستأصلهم بالعذاب كالمسخ والخسف والغرق !!
[ قل إنما يوحى الى أنما إلهكم إله واحد ] اى قل يا محمد لهؤلاء المشركين : انما اوحى الى ربي، ان إلهكم المستحق للعبادة إله واحد، أحد فرد صمد
[ فهل أنتم مسلمون ] استفهام ومعناه الامر اي فاسلموا له وانقادوا لحكمه وأمره
[ فإن تولوا ] اى فإن اعرضوا عن الإسلام
[ فقل آذنتكم على سواء ] اى فقل لهم : لقد أعلمتكم بالحق على استواء في الاعلام، لم اخص أحدا دون أحد
[ وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ] اى وما ادري متى يكون ذلك العذاب ؟ ولا متى يكون أجل الساعة ؟ فهو واقع لا محالة، ولكن لا علم لي بقربه ولا ببعده
[ إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون ] اى الله هو العالم، الذى لا يخفى عليه شيء، يعلم الظواهر والضمائر، ويعلم السر وأخفى وسيجازى كلا بعمله
[ وإن أدري لعله فتنة لكم ] اي وما ادري لعل هذا الإمهال وتأخير عقوبتكم، امتحان لكم لنرى كيف صنيعكم
[ ومتاع الى حين ] اي ولعل هذا التأخير لتستمتعوا الى زمنِ معين، ثم يأتيكم عذاب الله الأليم
[ قال رب احكم بالحق ] اي احكم بيني وبين هؤلاء المكذبين، وافصل بيننا بالحق


الصفحة التالية
Icon