سوره الحج
مدنية وآياتها ثمان وسبعون آية
بين يدي السورة
* سورة الحج مدنية وهي تتناول جوانب التشريع، شأنها شأن سائر السور المدنية التي تعني بأمور التشريع، ومع أن السورة مدنية إلا أنه يغلب عليها جو السور المكية، فموضوع الإيمان، والتوحيد، والإنذار، والتخويف، وموضوع البعث والجزاء، ومشاهد القيامة وأهوالها، هو البارز في السورة الكريمة، حتى ليكاد يخيل للقارىء، أنها من السور المكية، هذا إلى جانب الموضوعات التشريعية، من الإذن بالقتال، وأحكام الحج والهدي، والأمر بالجهاد في سبيل الله، وغير ذلك من المواضيع التي هي من خصائص السور المدنية، حتى لقد عدها بعض العلماء، من السور المشتركة بين المدني والمكي.
*ابتدأت السورة الكريمة بمطلع عنيف مخيف، ترتجف له القلوبُ، وتطيش لهوله العقول، ذلكم هو الزلزال العنيف الذي يكون بين يدي الساعة، ويزيد في الهول على خيال الإنسان، لأنه لا يدك الدور والقصور فحسب، بل يصل هوله إلي المرضعات الذاهلات عن أطفالهن، والحوامل المسقطات حملهن، والناس الذين يترنحون كأنهم سكارى من الخمر، وما بهم شيء من السكر والشراب، ولكنه الموقف المرهوب، الذي تتزلزل له القلوب [ يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم.. ] الآيات.
*ومن أهوال الساعة إلى أدلة (البعث والنشور) تنتقل السورة لتقيم الأدلة والبراهين على البعث بعد الفناء، ثم الإنتقال إلى دار الجزاء، لينال الإنسان جزاءه إن خيرا فخير، وإن شراً فشر.
* وتحدثت السورة عن بعض مشاهد القيامة، حيث يكون الأبرار في دار النعيم والفجار في دار الجحيم.
* ثم إنتقلت للحديث عن الحكمة من الإذن بقتال الكفار، وتناولت الحديث عن القرى المدمرة بسبب ظلمها وطغيانها، وذلك لبيان سنة الله في الدعوات، وتطمينا للمسلمين بالعاقبة التي تنتظر الصابرين. " وفي ختام السورة ضربت مثلا لعبادة المشركين للأصنام، وبينت أن هذه المعبودات أعجز وأحقر من أن تخلق ذبابة، فضلا عن أن تخلق إنسانا سميعاً بصيرا، ودعت إلى اتباع ملة الخليل (إبراهيم ) كهف الإيمان، وركن التوحيد، وهكذا بدأت السورة بعقيدة البعث، وختمت بالتوحيد. التسميه : سميت " سورة الحج " تخليدا لدعوة الخليل إبراهيم عليه السلام، حين إنتهى من بناء البيت العتيق ونادى الناس لحج بيت الله الحرام، فتواضعت الجبال حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وإسمع نداؤه من في الأصلاب والأرحام، وأجابوا النداء " لبيك اللهم لبيك " ! ! ( تفسيرسورة الحج )
التفسير :
[ يا أيها الناس اتقوا ربكم ] خطاب لجميع البشر، أي خافوا عذاب الله وأطيعوه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وجماعُ القول في التقوى : أنها امتثالُ أوامر الله، واجتناب محارمه، ولهذا قال بعض العلماء : التقوى أن لا يراك حيث نهاك، وأن لا يفقدك حيث أمرك
[ إن زلزلة الساعة شيء عظيم ] تعليل للأمر بالتقوى، أي إن الزلزال الذي يكون بين يدي الساعة، أمر عظيم وخطب جسيم، لا يكاد يُتَصور لهوله
[ يوم ترونها ] أي في ذلك اليوم العصيب، الذي تشاهدون فيه تلك الزلزلة، وترون هول مطلعها
[ تذهل كل مرضعة عما أرضعت ] أي تغفل وتذهل - مع شدة الفزع - كل أنثى مرضعة عن رضيعها، إذ تنزع ثديها من فمه، وتنشغل - لهول ما ترى - عن أحب الناس إليها، وهو طفلها الرضيع
[ وترى الناس سكارى ] أي تراهم كانهم سكارى يترنحون ترنح السكران، من هول ما يدركهم من الخوف والفزع
[ وما هم بسكارى ] أي وما هم على الحقيقة بسكارى من الخمر
[ ولكن عذاب الله شديد ] أي ليسوا بسكارى، ولكن أهوال الساعة وشدائدها، أطارت عقولهم وسلبت أفكارهم، فهم من خوف عذاب الله مشفقون


الصفحة التالية
Icon