[ وأن الساعة آتية لا ريب فيها ] أي وليعلموا أن الساعة كائنة لا شك فيها ولا مرية
[ وأن الله يبعث من في القبور ] أي يحي الأموات ويعيدهم بعدما صاروا رمما، ويبعثهم أحياء إلى موقف الحساب
[ ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ] أي يجادل في شأنه تعالى من غير تمسك بعلم صحيح يهدي إلى المعرفة، ولا كتاب نير بين الحجة، بل بمجرد الرأي والهوى، قال ابن عطية : كرر هذه على وجه التوبيخ، فكأنه يقول : هذه الأمثال في غاية الوضوح والبيان، ومن الناس مع ذلك من يجادل في الله بغير دليل ولا برهان
[ ثاني عطفه ] أى معرضا عن الحق لاويا عنقه كفرا، قال ابن عباس : مستكبرا عن الحق إذا دُعي إليه، قال الزمخشري : وثنيُ العطف عبارة عن الكبر والخيلاء، فهو كتصعير الخد
[ ليضل عن سبيل الله ] أي ليصُد الناس عن دين الله وشرعه
[ له في الدنيا خزي ] أي له هوان وذل في الحياة الدنيا
[ ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ] أي ونذيقه في الآخرة النار المحرقة
[ ذلك بما قدمت يداك ] أي ذلك الخزي والعذاب بسبب ما اقترفته من الكفر والضلال
[ وأن الله ليس بظلام للعبيد ] أي وأن الله عادل لا يظلم أحدا من خلقه
[ ومن الناس من يعبد الله على حرف ] أي ومن الناس من يعبد الله على جانب وطرف من الدين، وهذا تمثيل للمذبذبين الذين لا يعبدون الله عن ثقة ويقين، بل عن قلق واضطراب، كالذي يكون على طرف من الجيش فان احس بظفر أو غنيمة استقر وإلا فر قال الحسن : هو المنافق يعبده بلسانه دون قلبه، وقال ابن عباس : كان الرجل يقدم المدينة، فإن ولدت امرأته غلاما وأنتجت خيله قال : هذا دين صالح، وأن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله، قال : هذا دين سوء
[ فإن أصابه خير اطمأن به ] أي فإن ناله خير في حياته من صحة ورخاء أقام على دينه
[ وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه ] أي وإن ناله شيء يفتتن به من مكروه وبلاء، إرتد فرجع إلى ما كان عليه من الكفر
[ خسر الدنيا والآخرة ] أي أضاع دنياه وآخرته، فشقي الشقاوة الأبدية
[ ذلك هو الخسران المبين ] أي ذلك هو الخسران الواضح الذي لا خسران مثله
[ يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ] أي يعبد الصنم والوثنَ الذي لا ينفع ولا يضر
[ ذلك هو الضلال البعيد ] أي ذلك هو نهاية الضلال الذي لا ضلال بعده، شبه حالهم بحال من أبعد في أرض التيه، ضالا عن الطريق
[ يدعو لمن ضره أقرب من نفعه ] أي يعبد وثنا أو صنما ضره في الدنيا بالخزي والذل أسرع من نفعه الذي يتوقعه بعبادته، وهو الشفاعة له يوم القيامة، وقيل : الآية على الفرض والتقدير : أي لو سلمنا نفعه أو ضره، لكان ضره أكثر من نفعه، والآية سيقت تسفيها وتجهيلا لمن يعتقد أنه ينتفع بعبادة غير الله، حين يستشفع بها
[ لبئس المولى ولبئس العشير ] أي بئس الناصر، وبئس القريب والصاحب
[ إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار ] لما ذكر حال المشركين وحال المنافقين المذبذبين، ذكر حال المؤمنين في الآخرة، والمعنى : إن الله يدخل المؤمنين الصادقين، جنات تجري من تحت قصورها وغرفها أنهار اللبن والخمر والعسل، وهم في روضات الجنات يحبرون
[ إن الله يفعل ما يريد ] أي يثيب من يشاء ويعذب من يشاء، لا معقب لحكمه، فللمؤمنين الجنة بفضله، وللكافرين النار بعدله