[ فإنها من تقوى القلوب ] أي فإن تعظيمها من أفعال المتقين لله، قال القرطبي : أضاف التقوى إلى القلوب، لأن حقيقة التقوى في القلب، وفي الحديث :" التقوى ههنا " وأشار إلى صدره
[ لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ] أي لكم في الهدايا منافع كثيرة من الدر والنسل والركوب إلى وقت نحرها
[ ثم محلها الى البيت العتيق ] أي ثم مكان ذبحها في الحرم، بمكة أو منى، وخص البيت بالذكر لأنه أشرف الحرم كقوله تعالى :[ هديا بالغ الكعبة ]
[ ولكل أمة جعلنا منسكا ] أي شرعنا لكل أُمة من الأمم السابقة، من عهد إبراهيم مكانا للذبح تقربا لله، قال ابن كثير : يخبر تعالى أنه لم يزل ذبح المناسك، وإراقة الدماء على إسم الله، مشروعا في جميع الملل
[ ليذكروا إسم الله ] أي أمرناهم عند الذبح أن يذكروا إسم الله، وأن يذبحوا لوجهه تعالى
[ على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ] أي شكرا لله على ما أنعم به عليهم من بهيمة الأنعام، من (الإبل والبقر والغنم ).. بين تعالى أنه يجب أن يكون الذبح لوجهه تعالى وعلى إسمه لأنه هو الخالق الرازق لا كما كان المشركون يذبحون للأوثان
[ فإلهكم إله واحد ] أي فربكم أيها الناس ومعبودكم المستحن للعبادة، إله واحد لا شريك له
[ فله أسلموا ] أي فأخلصوا له العبادة واستسلموا لحكمه وطاعته
[ وبشر المخبتين ] أي بشر المطيعين المتواضعين الخاشعين، بشرهم بجنات النعيم، ثم وصف تعالى المخبتين بأربع صفات فقال سبحانه :
[ الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ] أي إذا ذكر الله خافت وإرتعشت لذكره قلوبهم، لإشراق أشعة جلاله عليها فكأنهم بين يديه واقفون، ولجلاله وعظمته مشاهدون
[ والصابرين على ما أصابهم ] أي يصبرون في الضراء، على الأمراض والمصائب والمحن، وسائر المكاره
[ والمقيمي الصلاة ] أي الذين يؤدونها في أوقاتها مستقيمةً كاملة مع الخشوع والخضوع
[ ومما رزقناهم ينفقون ] أي ومن بعض الذي رزقناهم من فضلنا ينفقون في وجوه الخيرات
[ والبدن جعلناها لكم من شعائر الله ] أي الإبل السمينة - سميت بدنا لبدانتها وضخامة أجسامها - جعلناها من أعلام الشريعة التي شرعها الله لعباده، قال ابن كثير : وكونها من شعائر الدين، أنها تهدى إلى بيته الحرام، بل هي أفضل ما يهدي
[ لكم فيها خير ] قال ابن عباس : نفغ في الدنيا، وأجر في الآخرة
[ فاذكروا إسم الله عليها صواف ] أي اذكروا عند ذبحها إسم الله الجليل عليها، حال كونها (صواف ) أي قائمات قد صُففن أيديهن وأرجلهن
[ فإذا وجبت جنوبها ] أي فإذا سقطت على الأرض بعد نحرها، وهو كناية عن إنتهاء حياتها
[ فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ] أي كلوا من هذه الهدايا، وأطعموا (القانع ) أي المتعفف، و(المعتر) أي السائل قاله ابن عباس، وقال الرازي : الأقرب أن القانع هو الراضي بما يدفع إليه من غير سؤال وإلحاح، والمعتر هو الذي يتعرض ويطلب ويعتريهم حالا بعد حال
[ كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون ] أي مثل ذلك التسخير البديع، جعلناها منقادة لكم مع ضخامة أجسامها، لكي تشكروا الله على إنعامه
[ لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ] أي لن يصل إليه تعالى شيء من لحومها ولا دمائها
[ ولكن يناله التقوى منكم ] أى ولكن يصل إليه التقوى منكم، بامتثالكم أوامره وطلبكم رضوانه
[ كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم ] كرره للتأكيد أي كذلك ذللها لكم وجعلها منقادة لرغبتكم، لتكبروا الله على ما أرشدكم إليه من أحكام دينه
[ وبشر المحسنين ] أي بشر المحسنين في أعمالهم، بالسعادة التامة، والفوز العظيم بدار النعيم.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الإيجاز [ اختصموا في ربهم ] أي في دين ربهم، وفي نصرة الدين وحربه، فهو على حذف مضاف.