[ حتي تأتيهم الساعة بغتة ] أى حتى تأتيهم الساعة فجأة دون أن يشعروا، قال قتادة : ما أخذ الله قوماً قط إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعمتهم فلا تغتروا بالله إنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون
[ أو يأتيهم عذاب يوم عقيم ] أي أو يأتيهم عذاب يوم القيامة، وسمي " عقيما " لأنه لا يوم بعده، قال أبو السعود : كان كل يوم يلد ما بعده من الأيام، فما لا يوم بعده يكون عقيما، والمراد به القيامةُ نفسها كأنه قيل : أو يأتيهم عذابها، ووضع ذلك موضع الضمير لمزيد التهويل
[ الملك يومئذ لله ] أي الملك يوم القيامة له وحده، لا منازع له فيه ولا مدافع
[ يحكم بينهم ] أي يفصل بين عباده بالعدل، فيدخل المؤمنين الجنة، والكافرين النار، ولهذا قال :
[ فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم ] أى فالذين صدقوا الله ورسوله وفعلوا صالح الأعمال، لهم النعيم المقيم في جنات الخلد
[ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين ] أى والذين جحدوا بآيات الله وكذبوا رسله، لهم العذاب المخزى، مع الإهانة والتحقير في دار الجحيم
[ والذين هاجروا في سبيل الله ] أى تركوا الأوطان والدييار إبتغاء مرضاة الله، وجاهدوا لاعلاء كلمة الله
[ ثم قتلوا أو ماتوا ] أي قتلوا في الجهاد، أو ماتوا على فرشهم
[ ليرزقنهم الله رزقا حسنا ] أي ليعطينهم نعيما خالدا لا ينقطع أبدا، وهو نعيم الجنة
[ وإن الله لهو خير الرازقين ] أي هو تعالى خير من أعطى، فإنه يرزق بغير حساب
[ ليدخلنهم مدخلا يرضونه ] أي ليدخلنهم مكانا يرضونه وهو الجنة، التي (فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)
[ وأن الله لعليم حليم ] أى عليم بدرجات العاملين (حليم ) لا يعجل العقوبة لمن عصاه
[ ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ] أي من جازى الظالم بمثل ما ظلمه
[ ثم بغي عليه لينصرنه الله ] أي ثم اعتدى الظالم عليه ثانيا، لينصرن الله ذلك المظلوم
[ إن الله لعفو غفور ] أي مبالغ في العفو والغفران، وفيه تعريض بالحث علي العفو والصفح، فإنه تعالى مع كمال قدرته على الإنتقام يعفو ويغفر، فغيره أولى بذلك
[ ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ] أى ذلك النصر بسبب أن الله قادر، ومن آيات قدرته تعالى أيلاج الليل في النهار، بأن ينقص من الليل فيزيد في النهار، وبالعكس وهذا مشاهد ملموس في الصيف والشتاء
[ وأن الله سميع بصير ] أي سميع لأقوال عباده، بصير بأحوالهم، لا تخفى عليه خافية
[ ذلك بأن الله هو الحق ] أي ذلك بأن الله هو الإله الحق
[ وأن ما يدعون من دونه هو الباطل ] أى وأن الذي يدعوه المشركون من الأصنام والأوثان، هو الباطل الذى لا يقدر على شيء
[ وأن الله هو العلي الكبير ] أي هو العالي على كل شئ، ذو العظمة والكبرياء، فلا أعلى منه سبحانه ولا أكبر! !
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - صيغة المبالغة [ خوان كفور ] لأن فعال وفعول من صيغ المبالغة.
٢ - الحذف لدلالة السياق عليه [ أُذن للذين يقاتلون ] أي أُذن بالقتال للذين يقاتلون الأعداء، دفعا للظلم والعدوان..
٣ - تأكيد المدح بما يشبه الذم [ إلا أن يقولوا ربنا الله ] أى لا ذنب لهم إلا هذا، وهذا ليس بذنب، فهو من باب تأكيد المدح.
٤ - المقابلة للطيفة بين [ فالذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم ] وبين [ والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم ].
٥ - جناس الاشتقاق [ وما أرسلنا من رسول ].
٦ - الطباق بين [ بنسخ.. ثم يحكم ].