[ وادع إلى ربك ] أي أدع الناس الى عبادة ربك، وإلى شريعته السمحة المطهرة
[ إنك لعلى هدى مستقيم ] أي فإنك على طريق واضح مستقيم موصل إلى جنات النعيم
[ وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون ] أي وإن خاصموك بعد ظهور الحق وقيام الحجة عليهم، فقل لهم : الله أعلم بأعمالكم القبيحة وبما تستحقون عليها من الجزاء، وهذا وعيد وإنذار
[ الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون ] أي الله يفصل في الآخرة بين المؤمنين والكافرين، فيما كانوا فيه يختلفون من أمر الدين، فيعرفون حينئذ الحق من الباطل
[ ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض ] الاستفهام تقريري أي لقد علمت يا أيها الرسولُ أن الله أحاط علمه بما في السماء والأرض، فلا تخفى عليه أعمالهم
[ إن ذلك في كتاب ] أي إن ذلك كله مسطر في اللوح المحفوظ
[ إن ذلك على الله يسير ] أي إن حصر المخلوقات تحت علمه وإحاطته، سهل عليه يسير لديه ثم بين سبحانه ما يقدم عليه الكفارمع عظيم نعمه، ووضوح دلائله فقال
[ ويعبدون من دون الله ] أي ويعبد كفار قريش غير الله تعالى، يعبدون أصناما لا تنفع ولا تسمع
[ ما لم ينزل به سلطانا ] أي ما لم يرد به حجة ولا برهان، لا من جهة الوحي، ولا الشرع
[ وما ليس لهم به علم ] أي وما ليس عندهم به علم من جهة العقل، وإنما هو مجرد التقليد الأعمي للآباء
[ وما للظالمين من نصير ] أي وليس لهم ناصر يوم القيامة يدفع عنهم عذاب الله
[ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ] أي وإذا تليت على هؤلاء المشركين، آيات القرآن الواضحة الساطعة، وما فيها من الحجج القاطعة على وحدانية الله
[ تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر ] أي ترى في وجوه الكفار الإنكار بالعبوس والكراهة
[ يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا ] أي يكادون يبطشون بالمؤمنين الذين يتلون عليهم القرآن
[ قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار ] أي قل لهم : هل أخبركم بما هو أسوأ وأشنع، من تخويفكم للمؤمنين وبطشكم بهم ؟ إنها نار جهنم وعذابها ونكالها
[ وعدها الله الذين كفروا ] أي وعدها الله للكافرين المكذبين بآياته
[ وبئس المصير ] أي بئس المرجع والموضع الذي يصيرون إليه
[ يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ] أي يا معشر المشركين ضرب الله مثلا لما يعبد من دون الله، من الأوثان والأصنام فتدبروه حق التدبر، واعقلوا ما يقال لكم
[ إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ] أي إن هذه الأصنام التي عبدتموها من دون الله لن تقدر على خلق ذبابة على ضعفها، لإن اجتمعت على ذلك، فكيف يليق بالعاقل جعلها آلهة ؟ وعبادتها من دون الله ! قال القرطبي : وخص الذباب لأربعة أمور : لمهانته، وضعفه، ولإستقذاره، وكثرته، فإذا كان هذا الذي هو أضعف الحيوان وأحقره، لا يقدر من عبدوهم من دون الله على خلق مثله ودفع أذيته، فكيف يجوز أن يكونوا آلهة معبودين، وأربابا مطاعين ؟ وهذا من أقوى الحجة وأوضح البرهان
[ وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ] أي لو اختطف الذباب وسلب شيئا من الطيب، الذي كانوا يضمخون به الأصنام لما استطاعت تلك الآلهة استرجاعه منه، رغم ضعفه وحقارته
[ ضعف الطالب والمطلوب ] أي ضعف العابد الذي يطلب الخير من الصنم، والمطلوب الذي هو الصنم، فكل منهما حقير وضعيف (( قال ابن عباس : الطالب الصنم، والمطلوب الذباب، وقال السدي : الطالب العابد، والمطلوب الصنم نفسه، وهذا هو الراجح وهو الذي اخترناه ))
[ ما قدروا الله حق قدره ] أي ما عظموا الله حق تعظيمه، حيث جعلوا الأصنام - على حقارتها - شركاء للقوي العزيز، ولهذا قال :
[ إن الله لقوي عزيز ] أي هو تعالى قادر لا يعجزه شيء، غالب لا يُغلب، فكيف يسوون بين القوي العزيز، والعاجز الحقير ؟ !