[ فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ] أي فأوحينا إليه عند ذلك، أن اصنع السفينة بمرأى منا وحفظنا
[ ووحينا ] أي بأمرنا وتعليمنا
[ فإذا جاء أمرنا ] أي فإذا جاء أمرنا بإنزال العذاب
[ وفار التنور ] أي فار الماء في التنور الذي يخبز فيه، قال المفسرون : جعل الله ذلك علامة لنوح على هلاك قومه
[ فاسلك فيها من كل زوجين اثنين ] أي فأدخل في السفينة من كل صنف من الحيوان زوجين (ذكر وأنثى) لئلا ينقطع نسل ذلك الحيوان
[ وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ] أي وإحمل أهلك أيضا إلا من سبق عليه القول بالهلاك، ممن لم يؤمن كزوجته وإبنه
[ ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ] أي ولا تسألني الشفاعة للظالمين، عند مشاهدة هلاكهم، فقد قضيت أنهم مغرقون محكوم عليهم بالغرق
[ فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك ] أي فإذا علوت أنت ومن معك من المؤمنين على السفينة
[ فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ] أي احمدوا الله على تخليصه إياكم من الغرق، وإنما قال :[ فقل ] ولم يقل فقولوا لأن نوحا كان نبيا لهم وإماماً، فخطابه خطاب لهم
[ وقل رب أنزلني منزلا مباركا ] أي أنزلني إنزالا مباركا يحفظني من كل سوء وشر، قال ابن عباس : هذا حين خرج من السفينة
[ وأنت خير المنزلين ] أي أنت يا رب خير المنزلين لأوليائك، والحافظين لعبادك
[ إن في ذلك لآيات ] أي إن فيما جرى على أمة نوح، لدلائل وعبر يستدل بها أولوا الأبصار
[ وإن كنا لمبتلين ] أي وإن الحال والشأن كنا مختبرين للعباد بإرسال المرسلين
[ ثم أنشأنا من بعدههم قرنا آخرين ] أي ثم أوجدنا من بعد قوم نوح قوما آخرين يخلفونهم وهم قوم عاد
[ فأرسلنا فيهم رسولا منهم ] أي أرسلنا إليهم رسولا من عشيرتهم، هو (هود) عليه السلام
[ أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ] أي اعبدوه وحده ولا تشركوا به أحدا لأنه ليس لكم رب سواه
[ أفلا تتقون ] أي أفلا تخافون عذابه وإنتقامه إن كفرتم ؟
[ وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة ] أي قال أشراف قومه الكفرة المكذبون بالآخرة وما فيها من الثواب والعقاب
[ وأترفناهم في الحياة الدنيا ] أي وسعنا عليهم نعم الدنيا حتى بطروا ونعمناهم في هذه الحياة
[ ما هذا إلا بشر مثلكم ] أي قالوا لأتباعهم مضلين لهم : ما هذا الذي يزعم أنه رسول إلا إنسان مثلكم
[ يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ] أي يأكل مثلكم ويشرب مثلكم، فلا فضل له عليكم، لأنه محتاج إلى الطعام والشراب
[ ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون ] أي ولئن أطعتموه وصدقتموه فإنكم لخاسرون حقا، حيث أذللتم أنفسكم باتباعه، قال أبو السعود : أنظر كيف جعلوا أتباع الرسول الحق، الذي يوصلهم إلى سعادة الدارين، خسرانا دون عبادة الأصنام، التي لا خسران وراءها ؟ قاتلهم الله أنى يؤفكون
[ أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما ] إستفهام على وجه الإستهزاء والإستبعاد أي أيعدكم بالحياة بعد الموت، بعد أن تصبحوا رفاتاً وعظاما بالية ؟
[ أنكم مخرجون ] أي أنكم ستخرجون أحياء من قبوركم، وكرر لفظ [ أنكم ] تأكيدا لأنه لما طال الكلام حسن التكرار
[ هيهات هيهات لما توعدون ] أي بعد بُعد هذا الذي توعدونه من الإخراج من القبور، وغرضهم بهذا الإستبعاد أنه لا يكون أبدا
[ إن هي إلا حياتنا الدنيا ] أي لا حياة إلا هذه الحياة الدنيا
[ نموت ونحيا ] أي يموتُ بعضنا ويولد بعضنا إلى انقراض العصر
[ وما نحن بمبعوثين ] أي لا بعث ولا نشور
[ إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا ] أي ما هو إلا رجل كاذب، يكذب على الله فيما جاءكم به من الرسالة، والإخبار بالمعاد
[ وما نحن له بمؤمنين ] أي ولسنا له بمصدقين فيما يقوله ! !


الصفحة التالية
Icon