[ أم تسألهم خرجا ] أي أم تسألهم يا أيها الرسول أجرا على تبليغ الرسالة، فلأجل ذلك لا يؤمنون، وفي هذا تشنيع عليهم لعدم الإيمان، فمحمد لا يطلب منهم أجرا، فلماذا إذا يكذبونه ويعادونه ؟
[ فخراج ربك خير ] أي رزق الله وعطاؤه خير لك يا محمد
[ وهو خير الرازقين ] أي هو تعالى أفضلُ من أعطى ورزق، لأنه يعطي لا لحاجة، وغيره يعطي لحاجة
[ وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم ] أي وإنك يا محمد لتدعوهم إلى الطريق المستقيم وهو الإسلام الموصل إلى جنات النعيم
[ وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ] أي وإن الذين لا يصدقون بالبعث والثواب والعقاب، لعادلون عن الطريق المستقيم، منحرفون عنه فهم في ضلال يتخبطون.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البلاغة والبيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الإستعارة اللطيفة [ فذرهم في غمرتهم ] أصل الغمرة الماء الذي يغمر القامة، شبه ما هم فيه من الجهالة والضلالة بالماء الذي يغمر الإنسان من فرقه إلى قدمه، على سبيل الإستعارة، وهي من لطيف ألوان الإستعارة.
٢ - الإستفهام الإنكاري [ أيحسبون أنما نمدهم ] ؟ هذا للإنكار عليهم والتشنيع.
٣ - حذف الرابط في [ نسارع لهم في الخيرات ] حذف " به " أي نسارع لهم به في الخيرات، وحَسُنَ حذفُه لاستطالة الكلام مع أمن اللبس.
٤ - الطبا ق بين [ يؤمنون.. ويشركون ].
٥ - الإستعارة البديعة [ ولدينا كتاب ينطق بالحق ] النطق لا يكون إلا ممن يتكلم بلسانه، والكتاب ليس له لسان، فوصف سبحانه الكتاب بالنطق مبالغة في وصفه بإظهار البيان لإعلان البرهان، وتشبيها باللسان الناطق بطريق الإستعارة اللطيفة.
٦ - جناس إلاشتقاق [ يؤتون ما آتوا ] [ أعمال هم لها عاملون ].
٧ - الإستعارة الفائقة [ فكنتم على أعقابكم تنكصون ] شبه إعراضهم عن الحق بالراجع القهقرى إلى الخلف، وهو من قبيل (الإستعارة التمثيلية).
٨ - السجع الرصين [ مشفقون، يؤمنون، يشركون، سابقون ] ا لخ.
قال الله تعالى :[ ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر.. ] إلى قوله [ اغفر وارحم وأنت خير الراحمين ]. من آية (٧٥) إلى نهاية السورة الكريمة آية (١١٨ ).
المناسبة :
لما ذكر تعالى إعراض المشركين عن دعوة الإيمان، ذكر هنا سبب الإعراض وهو العناد والطغيان، ثم أردفه بإقامة الأدلة على التوحيد، ثم ذكر أحوال الآخرة، وإنقسام الناس إلى سعداء وأشقياء، وختم السورة ببيان الحكمة من حشر الناس إلى دار الجزاء، وأنه لولا القيامة لم يتميز المطيع من العاصي، ولا البر من الفاجر، ولضاع العدل بين الناس
اللغة :
[ مبلسون ] يائسون متحيرون، والإبلاس : اليأس من كل خير
[ يجير ] يمنع ويحمي من استغاث به، يقال : أجرت فلانا على فلان إذا أغثته ومنعته منه
[ همزات ] جمع همزة وهي الدفع والتحريك الشديد، وهو كالهز والأز، وهمزات الشيطان : كيده بالوسوسة
[ برزخ ] حاجز ومانع، قال الجوهري : البرزخ : الحاجز بين الشيئين ( ١ )
[ كالحون ] الكلوح : أن تتقلص الشفتان وتتباعد عن الأسنان، وذلك نهاية القبح لوجه الإنسان.
سبب النزول :