سورة النور
مدنية وآياتها أربع وستون آية
بين يدي السورة
سورة النور من السور المدنية، التى تتناول الأحكام التشريعية، وتعنى بأمور التشريع، والتوجيه والاخلاق، وتهتم بالقضايا العامة والخاصة التي ينبغى ان يربى عليها المسلمون، افرادا وجماعات، وقد اشتملت هذه السورة على احكام هامة وتوجيهات عامة تتعلق بالاسرة، التي هى النواة الأولى لبناء المجتمع الأكبر.
وضحت السورة الآداب الإجتماعية التي يجب أن يتمسك بها المؤمنون في حياتهم الخاصة والعامة، كالإستئذان عند دخول البيوت، وغض الابصار، وحفظ الفروج، وحرمة إختلاط الرجال بالنساء الأجنبيات، وما ينبغي ان تكون عليه الاسرة المسلمة و " البيت المسلم " من العفاف والستر، والنزاهة والطهر، والاستقامة على شريعة الله، صيانةً لحرمتها، وحفاظا عليها من عوامل التفكك الداخلي، والانهيار الخلقي، الذي يهدم الأمم والشعوب. وقد ذكرت في هذه السورة الكريمة بعض الحدود الشرعية التي فرضها الله كحد الزنى، وحد القذف، وحد اللعان، وكل هذه الحدود انما شرعت تطهيرا للمجتمع، من الفساد والفوضى، واختلاط الانساب، والانحلال الخلقى، وحفظا للأمة من عوامل التردي في بؤرة الإباحية والفساد، التي تسبب ضياع الأنساب، وذهاب العرض والشرف. وبإختصار فإن هذه السورة الكريمة عالجت ناحية من أخطر النواحي الاجتماعية هي (مسألة الاسرة) وما يحفها من مخاطر، وما يعترض طريقها من عقبات ومشاكل، تؤدي بها الى الانهيار ثم الدمار، هذا عدا عما فيها من آداب سامية، وحكم عالية، وتوجيهات رشيدة، الى أسس الحياة الفاضلة الكريمة، ولهذا كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الى اهل الكوفة يقول لهم : علموا نساءكم سورة النور.
التسمية :
سميت (سورة النور) لما فيها من إشعاعات النور الرباني، بتشريع الأحكام والآداب، والفضائل الانسانية، التي هي قبس من نور الله على عباده، وفيض من فيوضات رحمته وجوده [ الله نور السموات والأرض ] اللهم نور قلوبنا بنور كتابك المبين يا رب العالمين.
اللغة :
[ سورة ] السورة في اللغة : المنزلة السامية والمكانة الرفيعة، قال النابغة : ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب وسميت المجموعة من الآيات لها بدء ونهاية " سورة " لشرفها وارتفاعها كما يسمى (السور) للمرتفع من الجدار
[ الزاني ] الزنى : الوطء المحرم ويسمى الفاحشة لتناهي قبحه، وهو مقصور وقد يمد على لغة اهل نجد فيقال الزناء، قال الفرزدق : أبا طاهر من يزن يعرف زناؤه ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرا
[ رأفة ] شفقة وعطف مأخوذ من رؤف إذا رق ورحم
[ المحصنات ] العفيفات وأصل الإحصان المنع، سميت العفيفة محصنة لأنها منعت نفسها عن القبيح، ومنه الحصن لأنه يمنع من الأعداء
[ يدرأ ] يدفع، والدرء : الدفع
[ تشيع ] شاع الأمر شيوعا : إذا فشا وظهر وانتشر
[ عصبة ] العصبة : الجماعة الذين يتعصب بعضهم لبعض.
سبب النزول :
١ - روي أن امرأة تدعى " أم مهزول " كانت من البغايا فكانت تسافح الرجل، وتشرط أن تنفق عليه، فأراد رجل من المسلمين ان يتزوجها فذكر ذلك لرسول الله (ص) فأنزل الله [ الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك ] الآية.
٢ - عن ابن عباس أن (هلال بن أمية) قذف امرأته عند النبي (ص) (شريك بن سحماء) فقال له النبى (ص) :" البينة أو حد في ظهرك " فقال يا رسول الله : اذا رأى أحدنا مع امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة ؟ والذي بعثك بالحق إني لصادق، ولينزلن الله ما يبرىء ظهري من الحد! فنزلت :[ والذين يرمون أزواجهم.. ] الآية.
التفسير :
[ سورة أنزلناها ] اي هذه سورة عظيمة الشأن، من جوامع سور القرآن، أوحيناها اليك يا محمد


الصفحة التالية
Icon