[ وأصلحوا ] اي أصلحوا أعمالهم فلم يعودوا الى قذف المحصنات، قال ابن عباس : اي أظهروا التوبة
[ فإن الله غفور رحيم ] اي فاعفوا عنهم واصفحوا، وردوا اليهم اعتبارهم بقبول شهادتهم، فإن الله غفور رحيم يقبل توبة عبده اذا تاب وأناب، وأصلح سيرته وحاله.. ثم ذكر تعالى حكم من قذف زوجته وهو المعروف (باللعان ) فقال سبحانه :
[ والذين يرمون أزواجهم ] اي يقذفون زوجاتهم بالزنى
[ ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ] اي وليس لهم شهود يشهدون بما رموهن به من الزنى، سوى شهادة أنفسهم
[ فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله ] اي فشهادة أحدهم التي تزيل عنه حد القذف، أربع شهادات بالله تقوم مقام الشهداء الأربعة
[ إنه لمن الصادقين ] اي إنه صادق فيما رمى به زوجته من الزنى
[ والخامسة أن لعنة الله عليه ] اي وعليه ايضا ان يحلف في المرة الخامسة، بأن لعنة الله عليه
[ إن كان من الكاذبين ] اي إن كان كاذبا في قذفه لها بالزنى
[ ويدرأ عنها العذاب ] اي ويدفع عن الزوجة المقذوفة (حد الزنى) الذي ثبت بشهادة الزوج
[ أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ] اي أن تحلف اربع مرات انه لمن الكاذبين فيما رماها به من الزنى
[ والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ] اي وتحلف في المرة الخامسة، بأن غضب الله وسخطه عليها إن كان زوجها صادقا في اتهامه لها بالزنى
[ ولولا فضل الله عليكم ورحمته ] اي ولولا فضل الله عليكم ورحمته بكم بالستر في ذلك، وجواب [ لولا ] محذوف لتهويل الأمر، تقديره : لفضحكم او عاجلكم بالعقوبة، ورب مسكوت عنه أبلغ من المنطوق
[ وأن الله تواب حكيم ] اي وأنه تعالى مبالغ في قبول التوبة، حكيم في ما شرع من الأحكام، ومن جملتها (حكم اللعان ) قال ابو السعود : وجواب " لولا " محذوف لتهويله كأنه قيل : ولولا تفضله تعالى عليكم ورحمته بكم، لكان ما كان مما لا يحيط به نطاق البيان، ومن جملته أنه تعالى لو لم يشرع لهم ذلك، لوجب على الزوج حد القذف، مع أن الظاهر صدقه لاشتراكه في الفضيحة، ولو جعل شهاداته موجبة لحد الزنى عليها، لفات النظر لها، ولو جعل شهاداتها موجبة لحد القذف عليه، لفات النظر له، فسبحانه ما أعظم شأنه، وأوسع رحمته، وأدق حكمته.. ثم بين تعالى (قصة الإفك ) التي اتهمت فيها العفيفة البريئة الطاهرة أم المؤمنين (عائشة) رضى الله عنها بالكذب والبهتان فقال سبحانه :
[ إن الذين جاءو بالإفك ] اي جاءوا بأسوء الكذب، وأشنع صور البهتان، وهو قذف عائشة بالفاحشة، قال الإمام الفخر : الإفك أبلغ ما يكون من الكذب والإفتراء، وقد أجمع المسلمون على أن المراد ما أفك به على (عائشة) وهي زوجة الرسول المعصوم
[ عصبة منكم ] اي جماعة منكم أيها المؤمنون وعلى رأسهم " ابن سلول " رأس النفاق
[ لا تحسبوه شرا لكم ] اي لا تظنوا هذا القذف والاتهام شرا لكم يا آل أبي بكر
[ بل هو خير لكم ] لما فيه من الشرف العظيم بنزول الوحي ببراءة أم المؤمنين، وكرامة الله لها بإنزال الوحي في شأنها، والأجر الجزيل لها في الفرية عليها، وموعظة المؤمنين، والإنتقام من المفترين
[ لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم ] اي لكل فرد من العصبة الكاذبة، جزاء ما اجترح من الذنب على قدر خوضه فيه
[ والذي تولى كبره منهم ] اي والذي تولى معظمه وأشاع هذا البهتان، وهو (ابن سلول) رأس النفاق
[ له عذاب عظيم ] اي له في الآخرة عذاب شديد في نار جهنم
[ لولا اذ سمعتموه ] اي هلا حين سمعتم يا معشر المؤمنين هذا الإفتراء، وقذف الصديقة عائشة


الصفحة التالية
Icon