[ وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ] أي وقل أيضا للمؤمنات يكففن أبصارهن عن النظر إلى ما لا يحل لهن النظر إليه، ويحفظن فروجهن عن الزنى، وعن كشف العورات، قال المفسرون : أكد تعالى الأمر للمؤمنات بغض البصر وحفظ الفروج، وزادهن في التكليف على الرجال، بالنهي عن إبداء الزينة إلا للمحارم والأقرباء، فقال :
[ ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ] أي ولا يكشفن زينتهن للأجانب إلا ما ظهر منها بدون قصد ولا نية سيئة، قال ابن كثير : أي لا يظهرن شيئا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه، كما قال ابن مسعود : الزينة زينتان : فزينة لا يراها إلا الزوج : الخاتم والسوار، وزينة يراها الأجانب وهي الظاهر من الثياب وقيل : المراد به الوجه والكفان فإنهما ليسا بعورة، قال البيضاوي : والأظهر ان هذا في الصلاة لا في النظر، فإن كل بدن الحرة عورة، لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة، كالمعالجة وتحمل الشهادة
[ وليضربن بخمرهن على جيوبهن ] اي وليلقين الخمار وهو (غطاء الرأس ) على صدورهن، لئلا يبدو شيء من النحر والصدر، وفي لفظ الضرب مبالغة في الصيانة والتستر، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت :( يرحم الله النساء المهاجرات الأول لما أنزل الله [ وليضربن بخمرهن على جيوبهن ] شققن مروطهن فاختمرن بها ) قال المفسرون : كانت المرأة في الجاهلية - كما هي اليوم في الجاهلية الحديثة - تمر بين الرجال مكشوفة الصدر، بادية النحر، حاسرة الذراعين، وربما أظهرت مفاتن جسمها وذوائب شعرها لتغري الرجال، وكن يسدلن الخمر من ورائهن، فتبقى صدورهن مكشوفة عارية، فأمرت المؤمنات بأن يلقينها من أمامهن حتى تستر، ويدفعن عنهن شر الأشرار
[ ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ] أي ولا يظهرن زينتهن الخفية، التي حرم الله كشفها، إلا لأزواجهن
[ أو آبائهن أو آباء بعولتهن ] أي أو لآبائهن او آباء أزواجهن، وهو العم أبو الزوج فإنهما من المحارم، فإن الأب يصون عرض ابنته، ووالد الزوج يحفط على ابنه ما يسوءه، ثم عدد تعالى بقية المحارم فقال سبحانه :
[ أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن، أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن ] فذكر تعالى الأبناء، وأبناء الأزواج، والإخوة، وأبناء الإخوة، وأبناء الأخوات، وكلهم من المحارم الذين يحرم على المرأة الزواج بهم، لما جبل الله في الطباع من النفرة من مماسة القريبات ونكاحهن
[ أو نسائهن ] أي المسلمات، وخرج بذلك النساء الكافرات، قال مجاهد : المراد نساؤهن المسلمات، ليس المشركات من نسائهن، وليس يحل للمرأة المسلمة أن تنكشف بين يدي مشركة، وقال ابن عباس : هن المسلمات، ولا تبدي زينتها أمام يهودية أو نصرانية (( مختصر ابن كثير وهذا قول أكثر السلف أن المراد بالنساء المؤمنات، قال الفخر الرازي : وقيل المراد بالنساء، جميع النساء فإنهن سواء في حل نظر بعضهن إلى بعض، وقول السلف محمول على الاستحباب، أقول : القول الأول اظهر، والله اعلم ))
[ أو ما ملكت أيمانهن ] أي من الإماء المشركات، قال ابن جرير : يعني من نساء المشركين، فيجوز لها أن تظهر زينتها لها، وإن كانت مشركة لأنها أمتها
[ أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال ] أي الخدام غير أولي الميل والشهوة والحاجة إلى النساء، كالبله والحمقى، والمغفلين الذين لا يدركون من أمور النكاح شيئا، قال مجاهد : هو الأبله الذي يريد الطعام، ولا يريد النساء، ولا يهمه إلا بطنه
[ أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ] أي الأطفال الصغار الذين لم يبلغوا حد الشهوة، ولا يعرفون أمور الجماع لصغرهم، فلا حرج أن تظهر المرأة زينتها أمامهم


الصفحة التالية
Icon