[ سنا ] : السنا : الضوء واللمعان قال الشماخ : وما كادت إذا رفعت سناها ليبصر ضوءها إلا البصير
[ مذعنين ] خاضعين منقادين، أذعن للأمر خضع له
[ يحيف ] يجور ويظلم.
التفسير :
[ الله نور السموات والأرض ] أي الله جل وعلا منور السموات والأرض، أنار السموات بالكواكب المضيئة، والأرض بالشرائع والأحكام، وبعثة الرسل الكرام، قال الطبري : أي هادي أهل السموات والأرض فهم بنوره إلى الحق يهتدون، وبهداه من حيرة الضلالة يعتصمون وقال القرطبي : النور عند العرب : الضوء المدرك بالبصر، واستعمل مجازا في المعاني فيقال كلام له نور، قال الشاعر : نسب كأن عليه من شمس الضحى نورا ومن فلق الصباح عمودا والناس يقولون : فلان نور البلد، وشمس العصر وقمره، فيجوز أن يقال : الله نور على جهة المدح، لأن جميع الأشياء منه ابتداؤها، وعنه صدورها، وبقدرته استقامت أمورها، وقال ابن عطاء الله :" الكون كله ظلمة، أناره ظهور الحق فيه، إذ لولا وجود الله ما وجد شيء من العالم " وفي الحديث الشريف :(اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ) وقال ابن مسعود :" ليس عند ربكم ليل ولا نهار، نور السموات والأرض من نور وجهه " وقال ابن القيم : سمى الله سبحانه نفسه نورا، وجعل كتابه نورا، ورسوله نورا، واحتجب عن خلقه بالنور، وقد فسرت الآية بأنه منور السموات والأرض، وهادي أهل السموات والأرض، وما قاله ابن مسعود أقرب الى تفسير الآية من قول من فسرها بأنه هادي أهل السموات والأرض، وأما من فسرها بأنه منور السموات والأرض فلا تنافي بينه وبين قول ابن مسعود (( أقول : في هذا الضمير ﴿مثل نوره ﴾ للمفسرين فيه قولان أحدهما : أنه عائد إلى الله عز وجل، اي مثل هدى الله، ونور الله، في قلب عبده المؤمن، كمصباح في فتحة حائط، ليكون أجمع للضوء، وهذا قول ابن عباس، والثاني : أن الضمير عائد إلى المؤمن، أى مثل نور المؤمن الذي في قلبه كمصباح وهاج فى فتحة حائط، يشعل هذا المصباح بزيت الزيتون الصافي، فهو مثل ضربه الله للمؤمن بدليل قوله تعالى فى نهاية الآية الكريمة ﴿ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شىء عليم ﴾ ))
[ مثل نوره ] أي مثل نور الله سبحانه في قلب عبده المؤمن
[ كمشكاة فيها مصباح ] أي ككوة في الحائط لا منفذ لها ليكون أجمع للضوء، وضع فيها سراج ثاقب ساطع، قال في التسهيل : المعنى صفة نور الله في وضوحه، كصفة مشكاة - أي فتحة - فيها مصباح على أعظم ما يتصوره البشر، من الإضاءة والإنارة، وإنما شبه بالمشكاة - وإن كان نور الله أعظم - لأن ذلك هو ما يدركه الناس من الأنوار، ضرب لهم به المثل
[ المصباح في زجاجة ] أي في قنديل من الزجاج الصافي
[ الزجاجة كأنها كوكب دري ] أي تشبه الكوكب الدري في صفائها وحسنها
[ يوقد من شجرة مباركة ] اي يشعل ذلك المصباح من زيت شجرة مباركة
[ زيتونة ] أي هي من شجر الزيتون الذي خصه الله بمنافع عديدة
[ لا شرقية ولا غربية ] أي ليست في جهة الشرق، ولا في جهة الغرب، وإنما هي في صحراء منكشفة، تصيبها الشمس طول النهار، لتكون ثمرتها أنضج، وزيتها أصفى، قال ابن عباس : هي شجرة بالصحراء لا يظلها شجر، ولا جبل، ولا كهف، ولا يواريها شيء وهو أجود لزيتها
[ يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ] مبالغة في وصف صفاء الزيت وحسنه وجودته، أي يكاد زيت هذه الزيتونة، يضيء من صفائه وحسن ضيائه، ولو لم تمسه نار، فكيف إذا مسته النار ؟
[ نور على نور ] أي نور فوق نور، فقد اجتمع (نور السراج )، و(حسن الزجاجة)، و(صفاء الزيت )، فاكتمل النور الممثل به
[ يهدي الله لنوره من يشاء ] أي يوفق الله لاتباع نوره - وهو القرآن - من يشاء من عباده


الصفحة التالية
Icon