[ وينزل من السماء من جبال فيها من برد ] أي وينزل من السحاب الذي هو كأمثال الجبال بردا
[ فيصيب به من يشاء ] أي فيصيب بذلك البرد من شاء من العباد، فيضره في زرعه وثمرته وماشيته
[ ويصرفه عمن يشاء ] أي ويدفعه عمن يشاء فلا يضره، قال الصاوى : كما ينزل المطر من السماء وهو نفع للعباد، كذلك ينزل منها البرد وهو ضرر للعباد، فسبحان من جعل السماء منشأ للخير والشر
[ يكاد سنا برقه ] أي يقرب ضوء برق السحاب
[ يذهب بالأبصار ] أى أن يخطف أبصار الناظرين، من شدة إضاءته وقوة لمعانه
[ يقلب الله الليل والنهار ] أي يتصرف فيهما بالطول والقصر، والظلمة والنور، والحر والبرد
[ إن في ذلك لعبرة ] أي إن فيما تقدم ذكره لدلالة واضحة، وعظة بليغة على وجود الصانع المبدع
[ لأولي الأبصار ] أي لذوي البصائر المستنيرة، وخصهم بالذكر لأنهم المنتفعون، حيث يتأملون فيجدون الماء والبرد، والظلمة والنور تخرج من شيء واحد، فسبحان القادر على كل شيء
[ والله خلق كل دابة من ماء ] استدل سبحانه على وحدانيته، بتسبيح أهل السماء والأرض له، ثم بتصريف السحاب وإنزال المطر، ثم بأحوال الحيوانات، قال ابن كثير : يذكر تعالى قدرته التامة وسلطانه العظيم، في خلقه أنواع المخلوقات على اختلاف أشكالها وألوانها وحركاتها وسكناتها من ماء واحد
[ فمنهم من يمشي على بطنه ] أى فمنهم من يزحف على بطنه كالحية والزواحف
[ ومنهم من يمشي على رجلين ] كالإنسان والطير
[ ومنهم من يمشي على أربع ] كالأنعام وسائر الدواب، قال ابو حيان : قدم ما هو أظهر في القدرة وأعجب، وهو الماشي بغير آلة من رجل وقوائم، ثم الماشى على رجلين، ثم الماشي على أربع
[ يخلق الله ما يشاء ] أي يخلق تعالى بقدرته ما شاء من المخلوقات
[ إن الله على كل شيء قدير ] أي هو قادر على ما يشاء، لا يمنعه مانع، ولا يدفعه دافع، قال الفخر : واعلم أن العقول قاصرة عن الإحاطة بأحوال أصغر الحيوانات على الكمال، والإستدلال بها على الصانع ظاهر، لأنه لو كان الأمر بتركيب الطبائع الأربع، لكان في الكل على السوية، فإختصاص كل واحد من هذه الحيوانات، بأعضائها وأعمارها ومقادير أبدانها، لا بد وأن يكون بتدبير قاهر حكيم، سبحانه وتعالى عما يقول الجاحدون
[ لقد أنزلنا آيات بينات ] أي لقد أنزلنا إليكم أيها الناس آيات واضحات، دالات على طريق الحق والرشاد
[ والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم ] أي يرشد من يشاء من خلقه إلى الدين الحق، وهو (الإسلام) ولما ذكر دلائل التوحيد حذر من النفاق والمنافقين فقال سبحانه
[ ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ] أي يقول المنافقون : صدقنا بالله وبالرسول، وأطعنا الله ورسوله
[ ثم يتولى فريق منهم ] أي لم يعرض جماعة منهم عن قبول حكمه
[ من بعد ذلك ] أي من بعد ما صدر، منهم ما صدر من دعوى الإيمان والطاعة
[ وما أولئك بالمؤمنين ] أي وليس أولئك الذين يدعون الإيمان والطاعة، بمؤمنين على الحقيقة! قال الحسن : نزلت هذه الآية في المنافقين الذين كانوا يظهرون الإيمان ويسرون الكفر
[ وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ] أي وإذا دعوا إلى حكم الله أو حكم رسوله
[ إذا فريق منهم معرضون ] أي استنكفوا وأعرضوا عن الحضور إلى مجلس الرسول
[ وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين ] أي وإن كان الحق بجانبهم جاءوا إلى رسول الله طائعين منقادين، لعلمهم أنه عليه السلام يحكم بالحق، نبه تعالى على أنهم إنما يعرضون، متى عرفوا أن الحق لغيرهم ؟ أما إذا عرفوه لأنفسهم، عدلوا عن الإعراض، وأذعنوا ببذل الرضا والقبول
[ أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا ] أي هل في قلوبهم نفاق ؟ أم شكوا في نبوته عليه السلام ؟


الصفحة التالية
Icon