[ والله سميع عليم ] أي يعلم خفايا النفوس ويجازي كل إنسان بعمله، وفيه وعد وتحذير
[ ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ] أي ليس على أهل الأعذار (الأعمى، والأعرج، والمريض ) حرج ولا إثم في القعود عن الغزو، لضعفهم وعجزهم
[ ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم ] أي وليس عليكم أيها الناس إثم أن تأكلوا من بيوت أزواجكم وعيالكم، قال البيضاوي : فيدخل فيها بيوت الأولاد لأن بيت الولد كبيته لقوله عليه السلام : إن أطيب ما يأكل المرء من كسبه، وإن ولده من كسبه
[ أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم، أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم ] أي لا حرج في الأكل من بيوت هؤلاء الأقارب قال الرازي : والظاهر أن إباحة الأكل لا تتوقف على الإستئذان لأن العادة أن هؤلاء القوم تطيب أنفسهم بأكل الأقارب
[ أو ما ملكتم مفاتحه ] أي البيوت التي توكلون عليها وتملكون مفاتيحها في غياب أهلها، قالت عائشة : كان المسلمون يذهبون مع رسول الله في الغزو ويدفعون مفاتحهم إلى ضمنائهم ويقولون : قد أحللنا لكم الأكل منها، فكانوا يقولون : إنه لا يحل لنا أن نأكل، إنهم أذنوا لنا عن غير طيب أنفسهم، وإنما نحن أمناء فأنزل الله [ أو ما ملكتم مفاتحه ]
[ أو صديقكم ] أي أو بيوت أصدقائكم وأصحابكم، قال قتادة : إذا دخلت بيت صديقك فلا بأس أن تأكل بغير إذنه
[ ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا ] أي ليس عليكم إثم أو حرج أن تأكلوا مجتمعين أو متفرقين، قال المفسرون : نزلت في حي من كنانة كان الرجل منهم لا يأكل وحده، يمكث يومه فإن لم يجد من يؤاكله لم يأكل شيئا، وربما كانت معه الإبل الحفل فلا يشرب من ألبانها حتى يجد من يشاربه، فأخبرهم تعالى بأن الرجل إذا أكل وحده لا حرج عليه
[ فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم ] أي إذا دخلتم بيوتا مسكونة، فسلموا على من فيها من الناس
[ تحية من عند الله مباركة طيبة ] أي حيوهم بتحية الإسلام " السلام عليكم " وهي التحية المباركة الطيبة التي شرعها الله لعباده المؤمنين، قال القرطبي : وصفها بالبركة لأن فيها الدعاء واستجلاب المودة، ووصفها بالطيب لأن سامعها يستطيبها
[ كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون ] قال ابن كثير : لما ذكر تعالى في هذه السورة الكريمة من الأحكام المحكمة، والشرائع المبرمة، نبه عباده على أنه يبين لهم الآيات بيانا شافيا ليتدبروها ويتعقلوها لعلهم يعقلون
[ إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ] أي إنما المؤمنون الكاملون في الإيمان، الذين صدقوا الله ورسوله تصديقا جازما لا يخالجه شك
[ وإذا كانوا معه على أمر جامع ] أي وإذا كانوا مع الرسول في أمر هام، فيه مصلحة للمسلمين
[ لم يذهبوا حتى يستاذنوه ] أي لم يتركوا مجلسه حتى يستأذنوه فيأذن لهم، قال المفسرون : نزلت هذه الآية في وقت حفر الخندق، فإن بعض المؤمنين كانوا يستأذنون في الإنصراف لضرورة، وكان المنافقون يذهبون بغير إستئذان، فنزلت تمدح المؤمنين الخالصين، وتعرض بذم المنافقين
[ إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله ] هذا توكيد لما تقدم ذكره تفخيما وتعظيما لشأن الرسول، أي إن الذين يستأذنونك يا أيها الرسول أولئك هم المؤمنون حقا، قال البيضاوي : أعاده مؤكدا على أسلوب أبلغ، فإن جعل المستأذنين هم المؤمنون، عكس الأسلوب الأول، وفيه تأكيد للأول بذكر لفظ الله ورسوله، فيكون مصداقا ودليلا على صحة الإيمان
[ فإذا استأذنوك لبعض شأنهم ] أي فإذا استأذنك هؤلاء المؤمنون لبعض شؤونهم ومهامهم
[ فأذن لمن شئت منهم ] أي فإسمح لمن أحببت بالإنصراف إن كان فيه حكمة ومصلحة


الصفحة التالية
Icon