[ وأعتدنا للظالمين عذابا أليما ] أي وأعددنا لهم في الآخرة عذابا شديدا مؤلما، سوى ما حل بهم في الدنيا
[ وعادا وثمود وأصحاب الرس ] أي وأهلكنا عادا وثمود وأصحاب البئر الذين انهارت بهم، قال البيضاوي : وأصحاب الرس قوم كانوا يعبدون الأصنام، فبعث الله إليهم شعيبا فكذبوه، فبينما هم حول الرس - وهي البئر غير المطوية - انهارت فخسفت بهم وبديارهم
[ وقرونا بين ذلك كثيرا ] أي وأمما وخلائق كثيرين، لا يعلمهم إلا الله بين أولئك المكذبين أهلكناهم أيضا
[ وكلا ضربنا له الأمثال ] أي وكلا من هؤلاء بينا لهم الحجج، ووضحنا لهم ا لأدلة، إعذارأ وإنذارأ
[ وكلا تبرنا تتببرا ] أي أهلكناه إهلاكا، ودمرناه تدميرا، لما لم تنجح فيهم المواعظ
[ ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء ] أي ولقد مرت قريش مرارا في متاجرهم إلى الشام، على تلك القرية التي أهلكت بالحجارة من السماء، وهي قرية " سدوم " عظمى قرى قوم لوط
[ أفلم يكونوا يرونها ] ؟ توبيخ لهم على تركهم الاتعاظ والاعتبار، أي أفلم يكونوا فى أسفارهم يرونها، فيعتبروا بما حل بأهلها من العذاب والنكال بسبب تكذيبهم لرسولهم، ومخالفتهم لأوامر الله ؟ قال ابن عباس : كانت قريش في تجارتها إلى الشام، تمر بمدائن (قوم لوط ) كقوله تعالى :[ وإنكم لتمرون عليهم مصبحين. وبالليل أفلا تعقلون
[ بل كانوا لا يرجون نشورا ] أي إنهم لا يعتبرون، لأنهم لا يرجون معادا يوم القيامة، ولا يؤمنون ببعث ولا نشور، ولا حساب ولا جزاء ! !
البلاغة :
تضمنت الآيات وجوها من البلاغة والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الترجي [ لولا أنزل علينا الملائكة ] لأن لولا بمعنى هلا للترجي.
٢ - جناس الاشتقاق [ عتوا عتوا ] و[ حجرا محجورا ].
٣ - المبالغة بنفي الجنس [ لا بشرى يومئذ للمجرمين ] ومعناها لا يبشر يومئذ المجرمون، وإنما عدل عنه للمبالغة.
٤ - التشبيه البليغ [ فجعلناه هباء منثورا ] أي كالغبار المنثور في الجو، في حقارته وعدم نفعه، حذف منه أداة التشبيه ووجه الشبه فأصبح بليغا.
٥ - الكناية اللطيفة [ يعض الظالم على يديه ] كناية عن الندم والحسرة، كما أن لفظة [ فلان ] كناية عن الصديق الذي أضله.
٦ - الإسناد المجازي [ شر مكانا ] لأن الضلال لا ينسب إلى المكان ولكن إلى أهله.
لطيفة :
قال ابن القيم رحمه الله : هجر القرآن أنواع خمسة : أحدها : هجر سماعه والإيمان به. والثاني : هجر العمل به وإن قرأه وآمن به. والثالث : هجر تحكيمه والتحاكم إليه. والرابع : هجر تدبره وتفهم معانيه. الخامس : هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب، وكل هذا داخل في قوله تعالى :[ إن قومي اتخدوا هذا القرآن مهجورا ] وإن كان بعض الهجر أهون من بعض ! !
قال الله تعالى :[ وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا.. ] إلى قوله [ أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا ]. من آية ( ٤١ ) إلى نهاية آية ( ٦٠).
المناسبة :
لما ذكر تعالى شبهات المشركين حول القرآن والرسول، ورد عليهم بالحجج الدامغة، والبراهين القاطعة، ذكر هنا طرفا من استهزائهم وسخريتهم بالرسول، ، فلم يقتصروا على تكذيبه، بل زادوا عليه بالاستهزاء والإحتقار، ثم ذكر الأدلة على وحدانيته تعالى، بفعل العجائب في هذا الكون.
اللغة :
[ سباتا ] السبات : الراحة جعل النوم سباتا لأنه راحة للأبدان وأصل السبت : القطع، ومنه السبت لليهود لانقطاعهم فيه عن الأعمال
[ نشورا ] النشور : الانتشار والحركة، والنهار سبب للانتشار من أجل طلب المعاش
[ أناسي ] جمع إنسي مثل كراسي وكرسي، قال الفراء : الإنسي والأناسي اسم للبشر، وأصله إنسان ثم أبدلت من النون ياء فصار إنسي
[ مرج ] خلى وأرسل وخلط، يقال : مرجته إذا خلطته