[ الرحمن ] أي هو الرحمن ذو الجود والإحسان
[ فاسأل به خبيرا ] أي فسل عنه من هو خبير عارف بجلاله ورحمته، وهم الرسل الكرام، وقيل : الضمير يعود إلى (الله ) أي فإسأل الله الخبير بالأشياء، العالم بحقائقها، يطلعك على جلية الأمر
[ وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن ] أي وإذا قيل للمشركين اسجدوا لربكم (الرحمن ) الذي وسعت رحمته الأكوان
[ قالوا وما الرحمن ] ؟ أي من هو الرحمن ؟ استفهموا عنه استفهام من يجهله وهم عالمون به
[ أنسجد لما تأمرنا ] أي أنسجد لما تأمرنا بالسجود له من غير أن نعرفه ؟
[ وزادهم نفورا ] أي وزادهم هذا القول بعدا عن الدين ونفورا منه، وذلك لشدة ضلالهم وطغيانهم.
البلاغة :
تضمنت الآيات وجوها من البلاغة والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الاستفهام للتهكم والاستهزاء [ أهذا الذى بعث الله رسولا ] ؟.
٢ - التعجيب [ أرأيت من اتخد إلهه هواه ] وفيه تقديم المفعول الثانى على الأول اعتناء بالأمر المتعجب منه، والأصل " اتخذ هواه إلها له ".
٣ - التشبيه البليغ [ جعل الليل لباسا ] أي كاللباس الذي يغطي البدن ويستره، حذف منه الأداة ووجه الشبه فأصبح بليغا.
٤ -المقابلة اللطيفة بين الليل والنهار والنوم والانتشار [ جعل الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا ].
٥ - الاستعارة البديعة [ بين يدي رحمته ] استعار اليدين لما يكون أمام الشىء وقدامه، كما تقول : بين يدي الموضوع أو السوره.
٦ - الالتفات من الغيبة إلى التكلم للتعظيم [ وأنزلنا من السماء ] بعد قوله :[ أرسل الرياح ].
٧-المقابلة اللطيفة [ هذا عذب فرات، وهذا ملح أجاج ] أي نهاية في الحلاوة، وهذا في نهاية في الملوحة.
تنبيه :
الفرق بين [ ميت ] بالتخفيف [ وميت ] بالتشديد أن الأول لمن مات حقيقة، والثاني لمن سيموت، قال الشاعر : أيا سائلي تفسير ميت وميت فدونك قد فسرت ما عنه تسأل فما كان ذا روح فذلك ميت وما الميت إلا من إلى القبر يحمل
قال الله تعالى :[ تبارك الذي جعل في السماء بروجا.. ] إلى قوله [ فقد كذبتم فسوف يكون لزاما ]. من آية ( ٦١ ) إلى آية (٧٧) نهاية السورة الكريمة.
المناسبه :
لما ذكر إعراض المشركين عن عبادة الرحمن، اعقبها بذكر آياته الكونية الدالة على الوحدانية، ثم ختم السورة الكريمة بذكر صفات عباد الرحمن، التي استحقوا بها دخول الجنان، بعد أن أفاض في أوصاف عباد الأوثان.
اللغه :
[ بروجا ] البروج : منازل الكواكب السيارة، سميت بالبروج لأنها تشبه القصور العالية وهي للكواكب كالمنازل للسكان، وقيل : هي الكواكب العظيمة
[ غراما ] لازما دائما غير مفارق ومنه الغريم لملازمته
[ الغرفة ] الدرجة الرفيعة في الجنة وهي في اللغة العلية، وكل بناء عالي فهو غرفة
[ يعبأ ] يبالي ويهتم، قال أبو عبيدة : ما أعبأ به أي وجوده وعدمه عندي سواء، والعبء في اللغة الثقل
[ لزاما ] ملازما لكم لا يفارق صاحبه.
التفسير :
[ تبارك الذي جعل في السماء بروجا ] أي تمجد وتعظم الله الذي جعل في السماء تلك الكواكب العظام المنيرة
[ وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا ] أي وجعل فيها الشمس المتوهجة في النهار، والقمر المضيء بالليل
[ وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة ] أي يخلف كل منهما الآخر ويتعاقبان، فيأتى النهار بضيائه ثم يعقبه الليل بظلامه
[ لمن أراد أن يذكر ] أي لمن أراد أن يتذكر آلاء الله، ويتفكر في بدائع صنعه
[ أو أراد شكورا ] أي أراد شكر الله على إفضاله ونعمائه، قال الطبري : جعل الله الليل والنهار يخلف كل واحد منهما الآخر، فمن فاته شيء من الليل أدركه بالنهار، ومن فاته شيء من النهار أدركه بالليل


الصفحة التالية
Icon