[ ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ] أي ومن تاب عن المعاصي وأصلح سيرته، فإن الله يتقبل توبته ويكون مرضيا عند الله تعالى
[ والذين لا يشهدون الزور ] هذا هو الوصف السابع من أوصاف عباد الرحمن أي لا يشهدون الشهادة الباطلة - شهادة الزور - التي فيها تضييع لحقوق الناس
[ وإذا مروا باللغو مروا كراما ] أي وإذا مروا بمجالس اللغو - وهي الأماكن التي يكون فيها العمل القبيح كمجالس اللهو، والسينما، والقمار، والغناء المحرم - مروا معرضين مكرمين أنفسهم عن أمثال تلك المجالس، قال الطبري : واللغو كل كلام أو فعل باطل، وكل ما يستقبح كسب الإنسان، وذكر النكاح باسمه في بعض الأماكن، وسماع الغناء مما هو قبيح، كل ذلك يدخل في معنى اللغو، الذي يجب أن يجتنبه المؤمن
[ والذين إذا ذكروا بآيات ربهم ] أي إذا وعظوا بآيات القرآن وخوفوا بها
[ لم يخروا عليها صما وعميانا ] أي لم يعرضوا عنها، بل سمعوها بآذان واعية وقلوب وجلة
[ والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ] أي اجعل لنا في الأزواج والبنين، مسرة وفرحا بالتمسك بطاعتك، والعمل بمرضاتك
[ واجعلنا للمتقين إماما ] أي اجعلنا قدوة يقتدي بنا المتقون، دعاة إلى الخير هداة مهتدين، قال ابن عباس : أي أئمة يقتدى بنا في الخير
[ أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ] أي أولئك المتصفون بالأوصاف الجليلة السامية ينالون الدرجات العالية، بصبرهم على أمر الله، وطاعتهم له سبحانه
[ ويلقون فيها تحية وسلاما ] أي ويتلقون بالتحية والسلام من الملائكة الكرام، كقوله تعالى :[ والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم ] الآية
[ خالدين فيها ] أي مقيمين في ذلك النعيم، لا يموتون ولا يخرجون من الجنة لأنها دار الخلود
[ حسنت مستقرا ومقاما ] أي ما أحسنها مقرا، وأطيبها منزلا لمن اتقى الله
[ قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ] أي قل لهم يا محمد : لا يكترث ولا يحفل بكم ربي لولا تضرعكم إليه، واستغاثتكم إياه في الشدائد
[ فقد كذبتم فسوف يكون لزاما ] أي فقد كذبتم أيها الكافرون بالرسول والقرآن، فسوف يكون العذاب ملازما لكم في الآخرة.
البلاغة :
تضمنت الأيات وجوها من البلاغة والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الإضافة للتشريف والتكريم [ وعباد الرحمن ].
٢ - الطباق بين السجود والقيام [ سجدا وقياما ] وكذلك بين الإسراف والتقتير [ لم يسرفوا ولم يقتروا ].
٣ - المقابلة اللطيفة بين نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار [ حسنت مستقرا ومقاما ] مقابل قوله عن أهل النار [ ساءت مستقرا ومقاما ].
٤ - الاستعارة البديعة [ لم يخروا عليها صما وعميانا ] أي لم يتغافلوا عن قوارع النذر، حتى يكونوا بمنزلة من لا يسمع ولا يبصر، وهذا من أحسن الاستعارات.
٥ - الكناية [ قرة أعين ] كناية عن الفرحة والمسرة كما أن [ الغرفة ] كناية عن الدرجات العالية في الجنة.
تنبيه :
قال القرطبي : وصف تعالى " عباد الرحمن " بإحدى عشرة خصلة هي أوصافهم الحميدة من التحلي، والتخلي وهي ( التواضع، والحلم، والتهجد، والخوف، وترك الإسراف والإقتار، والبعد عن الشرك، والنزاهة عن الزنى، والقتل، والتوبة، وتجنب الكذب، وقبول المواعظ، والإبتهال إلى الله وجل ) ثم بين جزاءهم الكريم، وهو نيل الغرفة أي الدرجة الرفيعة وهي أعلى منازل الجنة وأفضلها كما أن الغرفة أعلى مساكن الدنيا.