[ وورث سليمان داود ] أي ورث سليمان أباه في النبوة، والعلم، والملك دون سائر أولاده، قال الكلبي : كان لداود تسعة عشر ولدا فورث سليمان من بينهم نبوته وملكه، ولو كانت وراثة مال لكان جميع أولاده فيه سواء
[ وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير ] أي وقال تحدثا بنعمة الله : يا أيها الناس لقد أكرمنا الله فعلمنا منطق الطير وأصوات جميع الحيوانات
[ وأوتينا من كل شيء ] أى وأعطانا الله من كل شيء من خيرات الدنيا يعطاها العظماء والملوك
[ إن هذا لهو الفضل المبين ] أي إن ما أعطيناه وما خصنا الله به من أنواع النعم لهو الفضل الواضح الجلي، قاله على سبيل الشكر والمحمدة، لا على سبيل العلو والكبرياء
[ وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير ] أي جمعت له جيوشه وعساكره وأحضرت له في مسيرة كبيرة فيها طوائف الجن والإنس والطير، يتقدمهم سليمان في أبهة وعظمة كبيرة
[ فهم يوزعون ] أي فهم يكفون ويمنعون عن التقدم بين يديه، قال ابن عباس : جعل على كل صنف من يرد أولاها على أخراها لئلا يتقدموا في المسير كما تصنع الملوك
[ حتى إذا أتوا على واد النمل ] أي حتى إذا وصلوا إلى واد بالشام كثير النمل
[ قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم ] أي قالت إحدى النملات لرفيقاتها : ادخلوا بيوتكم، خاطبتهم مخاطبة العقلاء، لأنها أمرتهم بما يؤمر به العقلاء
[ لا يحطمنكم سليمان وجنوده ] أي لا يكسرنكم سليمان وجيوشه بأقدامهم
[ وهم لا يشعرون ] أي وهم لا يشعرون بكم ولا يريدون حطمكم عن عمد حذرت ثم اعتذرت لأنها علمت أنه نبي رحيم، فسمع سليمان كلامها وفهم مرامها
[ فتبسم ضاحكا من قولها ] أي فتبسم سرورا بما سمع من ثناء النملة عليه وعلى جنوده، فإن قولها :[ وهم لا يشعرون ] وصف لهم بالتقوى والتحفظ عن مضرة الحيوان
[ وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي ] أي ألهمني ووفقنى لشكر نعمائك وأفضالك، التي أنعمت بها علي وعلى أبوي
[ وأن أعمل صالحا ترضاه ] أي ووفقني لعمل الخير الذي يقربني منك، والذي تحبه وترضاه
[ وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ] أي وأدخلنى الجنة دار الرحمة، مع عبادك الصالحين المتقين، الذين ترحمهم في الآخرة، وهو دعاء وثناء !
البلاغه :
تضمنت الآيات وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - الإشارة بالبعيد عن القريب [ تلك آيات القرآن ] للإيذان ببعد منزلته في الفضل والشرف.
٢ - التنكير للتفخيم والتعظيم [ وكتاب مبين ] أي كتاب عظيم الشأن رفيع القدر.
٣ - ذكر المصدر بدل إسم الفاعل للمبالغة [ هدى وبشرى ] أي هاديا ومبشرا.
٤ - تكرير الضمير لإفادة الحصر والاختصاص [ وهم بالآخرة هم يوقنون ] ومثله [ وهم في الآخرة هم الأخسرون ] وفيه المقابلة اللطيفة بين الجملتين.
٥ - التأكيد بأن واللام [ وإنك لتلقى القرآن ] لوجود المتشككين في القرآن الكريم، لأن القسم والتأكيد لا يكون إلا للمنكر.
٦ - إيجاز الحذف [ وألق عصاك فلما رآها تهتز ] حذفت جملة فألقاها فانقلبت إلى حية إلخ وذلك لدلالة السياق عليه.
٧ - الطباق بين [ حسنا بعد سوء ] وبين [ ولي مدبرا.. ولم يعقب ].
٨ – الاستعارة [ آياتنا مبصرة ] استعار لفظ الإبصار للوضوح والبيان لأن بالعينين يبصر الإنسان الأشياء.
٩ - التشبيه المرسل المجمل [ كأنها جان ] ذكرت أداة التشبيه وحذف وجه الشبه فصار مرسلا مجملا.
١٠ - حسن الاعتذار [ وهم لا يشعرون ].
لطيفة :