[ فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال ] ؟ أي فلما جاء رسل بلقيس إلى (سليمان ) بالهدية العظيمة قال منكراً عليهم : أتصانعونني بالمال والهدايا ؟ لأترككم على كفركم وملككم ؟
[ فما آتاني الله خير مما آتاكم ] أي فما أعطاني الله من النبوة والملك الواسع خير مما أعطاكم من زينة الحياة، فلا حاجة لي بهديتكم
[ بل أنتم بهديتكم تفرحون ] أي أنتم تفرحون بالهدايا، لأنكم أهل مفاخرة ومكاثرة في الدنيا، ثم قال لرئيس الوفد :
[ إرجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ] أي ارجع إليهم بهديتهم، فوالله لنأتينهم بجنود لا طاقة لهم بمقابلتها، ولا قدرة لهم على مقاتلتها
[ ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون ] أي ولنخرجنهم من أرضهم ومملكتهم أذلاء حقيرين إن لم يأتوني مسلمين، قال ابن عباس : لما رجعت رسل بلقيس إليها من عند سليمان وأخبروها الخبر، قالت : قد عرفت ما هذا بملك، وما لنا به من طاقة، وبعثت إلى (سليمان ) إني قادمة إليك بملوك قومي حتى أنظر ما أمرك، وما تدعو إليه من دينك، ثم ارتحلت إلى سليمان في إثني عشر ألف قائد
[ قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ] ؟ أي قال سليمان لأشراف من حضره من جنده : أيكم يأتيني بسريرها المرصع بالجواهر قبل أن تصل إلي مع قومها مسلمين ؟ قال البيضاوى : أراد بذلك أن يريها بعض ما خصه الله به من العجائب، الدالة على عظيم القدرة، وصدقه في دعوى النبوة، ويختبر عقلها بأن ينكر عرشها فينظر أتعرفه أم تنكره ؟
[ قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك ] أي قال مارد من مردة الجن : أنا أحضره إليك، قبل أن تقوم من مجلس الحكم - وكان يجلس من الصبح إلى الظهر في كل يوم - وغرضه أنه يأتيه به في أقل من نصف نهار
[ وإني عليه لقوي أمين ] أي وإني على حمله لقادر، وأمين على ما فيه من الجواهر والدر، وغير ذلك ! !
[ قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ] هذا القائل هو " آصف بن برخيا " كان من الصديقين، يعلم إسم الله الأعظم، الذي إذا دعي به أجاب، وهو الذي أتى بعرش بلقيس، وقال لسليمان :[ أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ] أي آتيك به بلمح البصر فدعا الله فحضر العرش حالا
[ فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ] أي فلما نظر سليمان ورأى العرش - السرير - حاضرا لديه قال : هذا من فضل الله علي، وإحسانه إلي
[ ليبلوني أأشكر أم أكفر ] ؟ أي ليختبرني أأشكر إنعامه، أم أجحد فضله وإحسانه ؟
[ ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ] أي ومن شكر فمنفعة الشكر لنفسه، لأنه يستزيد من فضل الله [ لئن شكرتم لأزيدنكم ]
[ ومن كفر فإن ربي غني كريم ] أي ومن لم يشكر النعمة، وجحد فضل الله، فإن الله مستغن عنه وعن شكره، كريم بالإنعام على من كفر نعمته.. ولما قرب وصول ملكة سبأ إلى بلاده، أمر بأن تغير بعض معالم عرشها امتحانا لها
[ قال نكروا لها عرشها ] أي غيروا بعض أوصافه وهيئته، كما يتنكر الإنسان حتى لا يعرف
[ ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون ] أي لننظر إذا رأته هل تهتدي إلى أنه عرشها ؟ وتعرفه أم لا ؟ أراد بذلك اختبار ذكائها وعقلها
[ فلما جاءت قيل أهكذا عرشك ] ؟ أي أمثل هذا العرش الذي رأيتيه عرشك ؟ ولم يقل : أهذا عرشك ؟ لئلا يكون تلقينا لها
[ قالت كأنه هو ] أي يشبهه ويقاربه ولم تقل : نعم هو، ولا ليس هو، قال ابن كثير : وهذا غاية في الذكاء والحزم
[ وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين ] هذا من قول سليمان أي قال سليمان تحدثا بنعمة الله : لقد أوتينا العلم بالله وقدرته، من قبل هذه المرأة وكنا مسلمين لله من قبلها، فنحن أسبق منها علما وإسلاما