[ وصدها ما كانت تعبد من دون الله ] أي منعها عن الإيمان بالله عبادتها القديمة للشمس والقمر
[ إنها كانت من قوم كافرين ] أي إنها كانت كافرة بسبب نشوئها بين قوم مشركين
[ قيل لها ادخلي الصرح ] أي ادخلي القصر العظيم الفخم
[ فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها ] أي فلما رأت ذلك الصرح الشامخ، ظنته لجة ماء -أي ماء غمرا كثيرا- وكشفت عن ساقيها لتخوض فيه
[ قال إنه صرح ممرد من قوارير ] أى قال سليمان : إنه قصر مملس من الزجاج الصافي !
[ قالت رب إني ظلمت نفسي ] أي قالت بلقيس حينئذ : رب إني ظلمت نفسي بالشرك وعبادة الشمس
[ وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ] أي وتابعت سليمان على دينه، فدخلت في الإسلام مؤمنة برب العالمين، قال ابن كثير : والغرض أن سليمان عليه السلام، إتخذ قصرا عظيما منيفا من زجاج لهذه الملكة، ليريها عظمة سلطانه وتمكنه، فلما رأت ما آتاه الله من الملك الواسع وجلالة ما هو فيه من العز والجاه، وتبصرت في أمره، إنقادت لأمر الله تعالى وعرفت أنه نبي كريم، وملك عظيم، وأسلمت لله عز وجل.
البلاغه :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - أسلوب التعجب [ ما لي لا أرى الهدهد ] ؟.
٢ - التأكيد المكرر [ لأعذبنه.. أو لأذبحنه.. أو ليأتيني ] لتأكيد الأمر.
٣ - طباق السلب [ أحطت بما لم نحط به ] وكذلك [ تهتدي.. لا يهتدون ].
٤ - الجناس اللطيف [ وجئتك من سبأ بنبأ ] ويسمى (الجناس الناقص ) لتبدل بعض الحروف في (سبأ)و(نبأ) (( قال صاحب الكشاف : وهذا من محاسن الكلام بشرط أن يجيء مطبوعا غير متكلف أو يصنعه عالم بجوهر الكلام، ولقد حسن في الآية وبدع لفظا ومعنى، ألا ترى أنه لو وضع مكان " بنبأ " لفظة " بخبر " لكان المعنى صحيحا، ولكن يفوت ما في النبأ من الزيادة التى معناها (الخبر الهام ) والتي يطابقها وصف الحال )).
٥ - الطباق في اللفظ [ تخفون.. وتعلنون ] وكذلك [ أأشكر أم أكفر ].
٦ - الطباق في المعنى [ أصدقت أم كنت من الكاذبين ]. قال علماء البيان : والمطابقة هنا بالمعنى أبلغ من اللفظ لأنه عدول عن الفعل إلى الإسم فيفيد الثبات فلو قال :" أصدقت أم كذبت " لما أدى هذا المعنى لأنه قد يكذب في هذا الأمر ولا يكذب في غيره، وأما قوله :[ أم كنت من الكاذبين ] فإنه يفيد أنه إذا كان معروفا بالانخراط في سلك الكاذبين كان كاذبا لا محالة فلا يوثق به أبدا.
٧ - جناس الاشتقاق [ تقوم من مقامك ] وكذلك [ أسلمت مع سليمان ].
٨ - التشبيه [ كأنه هو ] أي كأنه عرشي في الشكل والوصف ويسمى هذا التشبيه " مرسلا مجملا ".
٩ - الاستعارة البديعة [ قبل أن يرتد إليك طرفك ] شبه سرعة مجيئه بالعرش، برجوع الطرف للإنسان، وارتداد الطرف معناه التقاء الجفنين وهو أبلغ ما يمكن أن يوصف به في السرعة، ومثله قوله تعالى [ وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب ] فاستعار للسرعة الفائقة ارتداد الطرف.
١٠ - توافق الفواصل في كثير من الآيات، ولها وقع في النفس رائع، مثل [ أم كان من الغائبين ] [ أو ليأتيني بسلطان مبين ] [ وجئتك من سبأ بنبأ يقين ] إلى آخر ما هنالك.
لطيفة :
أخذ بعض العلماء من قوله تعالى :[ وتفقد الطير ] استحباب تفقد الملك لأحوال الرعية، وكذلك تفقد الأصدقاء، والإخوان، والخلان وأنشد بعضهم : سن سليمان لنا سنة وكان فيما سنه مقتدى تفقد الطيرعلى ملكه فقال : مالى لا أرى الهدهدا ؟
قال الله تعالى :[ ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا.. ] إلى قوله [ بل هم منها عمون ] من آية (٤٥ ) إلى نهاية آية (٦٦).
المناسبة :


الصفحة التالية
Icon