[ بل هم قوم يعدلون ] أي بل هم قوم يشركون بالله، فيجعلون له عديلا ومثيلا، ويسوون بين الخالق الرازق والوثن والصنم، الذي لا يضر ولا ينفع
[ أمن جعل الأرض قرارا ] برهان آخر أي هل الإله القوي القادر، الذي جعل الأرض مستقرا للإنسان والحيوان، بحيث يمكنكم الإقامة بها والاستقرار عليها
[ وجعل خلالها أنهارا ] أي وجعل في شعابها وأوديتها الأنهار العذبة الطيبة، تسير خلالها شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا
[ وجعل لها رواسي ] أي وجعل جبالا شامخة ترسي الأرض وتثبتها لئلا تميد وتضطرب بكم
[ وجعل بين البحرين حاجزا ] أي وجعل بين المياه (العذبة) و(المالحة) فاصلا ومانعا يمنعها من الاختلاط، لئلا يفسد ماء البحار المياه العذبة
[ أإله مع الله ] أي هل مع الله معبود سواه ؟
[ بل أكثرهم لا يعلمون ] أي أكثر المشركين لا يعلمون الحق فيشركون مع الله غيره
[ أمن يجيب المضطر إذا دعاه ] برهان ثالث أي أمن يجيب المكروب المجهود الذي مسه الضر، فيستجيب دعاءه ويلبي نداءه ؟
[ ويكشف السوء ] أي ويكشف عنه الضر والبأساء ؟
[ ويجعلكم خلفاء الأرض ] أي ويجعلكم سكان الأرض تعمرونها جيلا بعد جيل، وأمة بعد أمة
[ أإله مع الله ] ؟ أي أإله مع الله يفعل ذلك حتى تعبدوه ؟
[ قليلا ما تذكرون ] أي ما أقل تذكركم وإعتباركم فيما تشاهدون ؟
[ أم من يهديكم في ظلمات البر والبحر ] ؟ برهان رابع أي أم من يرشدكم إلى مقاصدكم في أسفاركم في الظلام الدامس، في البراري، والقفار، والبحار ؟ والبلاد التي تتوجهون إليها بالليل والنهار ؟
[ ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ] ؟ أي ومن الذي يسوق الرياح مبشرة بنزول المطر ؟ الذي هو رحمة للبلاد والعباد ؟
[ أإله مع الله ] ؟ أي أإلة مع الله يقدر على شيء من ذلك ؟
[ تعالى الله عما يشركون ] أي تعظم وتمجد الله القادر الخالق عن مشاركة العاجز المخلوق ! !
[ أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ] برهان خامس أي أمن يبدأ خلق الإنسان ثم يعيده بعد فنائه ؟ قال الزمخشري : فإن قيل : كيف قال لهم ذلك ؟ وهم منكرون للإعادة ؟ والجواب : أنه قد أزيحت علتهم بالتمكين من المعرفة والإقرار، فلم يبق لهم عذر في الإنكار
[ ومن يرزقكم من السماء والأرض ] أي ومن ينزل عليكم من مطر السماء، وينبت لكم من بركات الأرض الزروع والثمار ؟ قال ابو حيان : لما كان إيجاد بني آدم، إنعاما إليهم وإحسانا عليهم، ولا تتم النعمة إلا بالرزق قال :[ ومن يرزقكم من السماء ] أي بالمطر [ والأرض ] أي بالنبات
[ أإله مع الله ] ؟ أي أإله مع الله يفعل ذلك ؟
[ قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ] أي أحضروا حجتكم ودليلكم على ما تزعمون إن كنتم صادقين في أن مع الله إلها آخر (( قال في البحر : وناسب ختم كل استفهام بما تقدمه، فلما ذكر خلق العالم العلوي والسفلي وما أمتن به من إنزال المطر ختمه بقوله :﴿بل هم قوم يعدلون ﴾ أي يعدلون به غيره مما هو مخلوق، ولما ذكر جعل الأرض مستقرا وتفجير الأنهار، وكان فيه التنبيه على الكفر وعدم الفهم ختمه بقوله :﴿بل أكثرهم لا يعلمون ﴾ ولما ذكر إجابة المضطر وكشف السوء ختمه بقوله :﴿قليلا ما تذكرون ﴾ لأن الإنسان يتوالى عليه النسيان عندما يزول عنه اضطراره، ولما ذكر الهداية في الظلمات وإرسال الرياح مبشرات، ومعبوداتهم لا تهدي ولا تسعف وهم يشركون بها ختمه بقوله :﴿تعالى الله عما يشركون ﴾ ))
[ قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ] أي هو سبحانه وحده المختص بعلم الغيب، فلا يعلم أحد من ملك أو بشر الغيب إلا الله علام الغيوب، قال القرطبي : نزلت في المشركين حين سألوا النبي، عن قيام الساعة
[ وما يشعرون أيان يبعثون ] ؟ أي وما يدري ولا يشعر الخلائق متى يبعثون بعد موتهم ؟