[ ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون ] تسلية للرسول عليه السلام أي لا تحزن يا محمد ولا تأسف على هؤلاء المكذبين إن لم يؤمنوا، ولا يضق صدرك من مكرهم، فإن الله يعصمك منهم
[ ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ] أي يقولون استهزاء : متى يجيئنا العذاب إن كنتم صادقين فيما تقولون ؟ والخطاب للنبي (ص) والمؤمنين
[ قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون ] أي لعل الذي تستعجلون به من العذاب قد دنا وقرب منكم بعضه، قال المفسرون : هو ما أصابهم من القتل والأسر يوم بدر
[ وإن ربك لذو فضل على الناس ] أي لذو إفضال وإنعام على الناس، بترك تعجيل عقوبتهم على معاصيهم وكفرهم
[ ولكن أكثرهم لا يشكرون ] أي ولكن أكثرهم لا يعرفون حق النعمة، ولا يشكرون ربهم
[ وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ] أي وإنه تعالى ليعلم ما يخفون وما يعلنون، من عداوة الرسول وكيدهم له وسيجازيهم عليه
[ وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين ] أي ليس من شئ في غاية الخفاء على الناس والغيبوبة عنهم إلا وقد علمه الله وأحاط به، وأثبته في اللوح المحفوظ عنده، فلا تخفى عليه سبحانه خافية، قال ابن عباس : أي ما من شىء سر في السموات والأرض أو علانية إلا وعند الله علمه
[ إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون ] لما ذكر تعالى أمر المبدأ والمعاد والنبوة، وكان القرآن من أعظم الدلائل والبراهين على صدق محمد وصدق ما جاء به، أعقبه هنا بذكر القرآن المجيد وذكر أوصافه، والمعنى : إن هذا القرآن المنزل على خاتم الرسل لهو الكتاب الحق، الذي يبين لأهل الكتاب ما اختلفوا فيه من أمر الدين، ومن جملته اختلافهم في أمر المسيح وتفرقهم فيه فرقا كثيرة، حتى لعن بعضهم بعضا، فلو كانوا منصفين لأسلموا، لأن القرآن جاءهم بالرأي الساطع، والخبر القاطع
[ وإنه لهدي ورحمة للمؤمنين ] أي وإنه لهداية لقلوب المؤمنين من الضلالة، ورحمة لهم من العذاب، قال القرطبي : وإنما خص المؤمنين بالذكر لأنهم المنتفعون به
[ إن ربك يقضي بينهم بحكمه ] أي إن ربك يا محمد يفصل بين بني إسرائيل يوم القيامة بحكمه العادل، وقضائه المبرم، فيجازي المحق والمبطل
[ وهو العزيز ] أي المنيع الغالب الذي لا يرد أمره
[ العليم ] أي العليم بأفعال العباد، فلا يخفى عليه شيء منهم
[ فتوكل على الله ] أي فوض إليه أمرك، واعتمد عليه في جميع شئونك، فإنه ناصرك
[ إنك على الحق المبين ] أي إنك يا محمد على الدين الحق، الواضح المنير، فالعاقبة لك بالنصر على الكفار
[ إنك لا تسمع الموتى ] أي لا تسمع الكفار لتركهم التدبر والاعتبار، فهم كالموتى، لا حس لهم ولا عقل
[ ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ] أي ولا تسمعهم دعاءك ونداءك إذا ذكرتهم بالله، أو دعوتهم إلى الإيمان، لأنهم كالصم الذين في آذانهم وقر، فلا يستجيبون الدعاء، لا سيما إذا تولوا عنك معرضين، فإن الأصم إذا تولى مدبرا ثم ناديته كان أبعد عن السماع، حيث انضم إلى صممه بعد المسافة
[ وما انت بهادي العمي عن ضلالتهم ] أي وليس بوسعك يا أيها الرسول أن تصرف عمي القلوب عن كفرهم وضلالهم


الصفحة التالية
Icon