٩ - توافق الفواصل قي كثير من الآيات مثل [ وهم لا يشعرون ] [ وهم له ناصحون ] [ ولكن أكثرهم لا يعلمون ] وهو من المحسنات البديعية.
لطيفة :
" حكى العلامة القرطبي عن الأصمعي أنه قال : سمعت جارية أعرابية تنشد : أستغفرالله لذنبى كله قتلت إنسانا بغيرحله معل الغزال ناعما في دله انتصف الليل ولم أصله فقلت لها : قاتلك الله ما أفصحك ؟ فقالت : ويحك، أو يعد هذا فصاحة مع قول الله عز وجل [ وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم، ولا تخافي ولا تحزني، إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ] فقد جمع في آية واحدة بين أمرين، ونهيين، وخبرين، وبشارتين.
قال الله تعالى :[ وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى. ] إلى قوله [ ويوم القيامة هم من المقبوحين ] من آية ( ٢٠) إلى نهاية آية (٤٢ ).
المناسبة :
لا تزال الآيات تتحدث عن قصة موسى، وقد تناولت الآيات السابقة قصة ولادته وإرضاعه، وتربيته في بيت فرعون، إلى أن شب وبلغ سن الرشد والكمال، ثم قتله للفرعوني، وتتحدث الآيات هنا عن هجرته إلى أرض مدين، وتزوجه بابنة شعيب، ثم عودته إلى مصر، ونزول النبوة عليه، وهلاك فرعون على يديه.
اللغه :
[ يأتمرون ] يتشاورون قال الأزهري : ائتمر القوم وتآمروا أى أمر بعضهم بعضا
[ تذودان ] ذاد يذود إذا حبس ومنع، وذاد طرد، قال الشاعر : لقد سلبت عصاك بنوتميم فما تدري بأي عصى تذود
[ خطبكما ] الخطب : الشأن، قال رؤبة :" يا عجبا ما خطبه وخطبي،
[ آلرعاء ] جمع راع مثل صاحب وصحاب، وهو الذي يرعى الغنم
[ حجج ] جمع حجة بكسر الحاء وهي السنة
[ جذوة ] الجذوة : الجمرة الملتهبة
[ ردءا ] عونا قال الجوهري : أرداته أعنته، وكنت له ردءا أى عونا،
[ المقبوحين ] الهالكين المبعدين، أو القبيحين في الصورة يقال : قبحه الله وقبحه إذا جعله قبيحا.
التفسير :
[ وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى ] أى وجاء رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه، من أبعد أطراف المدينة، يشتد ويسرع في مشيه، قال ابن عباس : هذا الرجل هو مؤمن من آل فرعون
[ قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ] أى قال لنبى الله موسى : إن أشراف فرعون، ووجوه دولته يتشاورون فيك بقصد قتلك
[ فاخرج إني لك من الناصحين ] أى فاخرج قبل أن يدركوك، فأنا ناصح لك من الناصحين
[ فخرج منها خائفا يترقب ] أى فخرج موسى من مصر خائفا على نفسه، يترقب ويخشى الطلب، أن يدركه فيأخذه، ثم التجأ إلى الله سبحانه بالدعاء، لعلمه بأنه لا ملجأ سواه
[ قال رب نجني من القوم الظالمين ] أى خلصني من الكافرين، واحفظني من شرهم - ومراده فرعون وملؤه -
[ ولما توجه تلقاء مدين ] أى قصد بوجهه ناحية مدين، وهي بلدة شعيب عليه السلام
[ قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ] أى لعل الله يرشدني إلى الطريق السوي، الذي يوصلني إلى مقصودي، قال المفسرون : خرج خائفا بغير زاد ولا ظهر - مركب - وكان بين مصر ومدين مسيرة ثمانية أيام، ولم يكن له علم بالطريق، سوى حسن ظنه بربه، فبعث الله إليه ملكا فأرشده إلى الطريق، وكان قد اشتد به الجوع، ولما وصل مدين كانت خضرة البقل تتراءى من بطنه من الهزال، لأنه كان في الطريق يتقوت ورق الشجر
[ ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ] أى ولما وصل إلى مدين بلدة شعيب، وجد على البئر الذي يستقي منه الرعاة، جمعا كثيفا من الناس يسقون مواشيهم
[ ووجد من دونهم امرأتين تذودان ] أي ووجد غير الجماعة الرعاة، امرأتين تكفان غنمهما عن الماء
[ قال ما خطبكما ] ؟ أى ما شأنكما تمنعان الغنم عن ورود الماء ؟ ولم لا تسقيان مع السقاة ؟