[ ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون ] أي وتمنوا حين شاهدوا العذاب، لو أنهم كانوا في الدنيا مهتدين للحق
[ ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين ] توبيخ آخر للمشركين، أى ويوم يناديهم الله ويسألهم : ماذا أجبتم رسلي ؟ هل صدقتموهم أم كذبتموهم ؟
[ فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون ] أى فخفيت عليهم الحجج، وأظلمت عليهم الأمور، فلم يعرفوا ما يقولون، فهم حيارى واجمون، لا يسأل بعضهم بعضا عن الجواب، لفرط الدهشة والحيرة
[ فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين ] أى فأما من تاب من الشرك، وجمع بين الإيمان والعمل الصالح، فعسى أن يكون من الفائزين بجنات النعيم، قال الصاوي : والترجى في القرآن بمنزلة التحقق، لأنه وعد كريم، من رب رحيم، ومن شأنه تعالى أنه لا يخلف وعده
[ وربك يخلق ما يشاء ويختار ] أى هو تعالى الخالق المتصرف، يخلق ما يشاء، ويفعل ما يريد، فلا اعتراض لأحد! على حكمه، قال مقاتل : نزلت في " الوليد بن المغيرة " حين قال :[ لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ]
[ ما كان لهم الخيرة ] أى ما كان لأحد من العباد اختيار، إنما الاختيار والإرادة لله الواحد القهار
[ سبحان الله وتعالى عما يشركون ] أى تنزه الله العظيم الجليل وتقدس، أن ينازعه أحد في ملكه، أو يشاركه في اختياره وحكمته، قال القرطبي : المعنى وربك يخلق ما يشاء من خلقه، ويختار من يشاء لنبوته، والخيرة له تعالى في أفعاله، وهو أعلم بوجوه الحكمة، فليس لأحد من خلقه أن يختار عليه
[ وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ] أى هو تعالى العالم بما تخفيه قلوبهم من الكفر والعداوة للرسول والمؤمنين، وما يظهرونه على ألسنتهم من الطعن في شخص رسوله الكريم، حيث يقولون : ما أنزل الله الوحي، إلا على يتيم أبي طالب ! !
[ وهو الله لا إله إلا هو ] أى هو جل وعلا الله المستحق للعبادة، لا أحد يستحقها إلا هو
[ له الحمد في الأولى والآخرة ] أى له الثناء الكامل في الدنيا والآخرة، لأنه تعالى المتفضل على العباد، بالنعم كلها في الدارين
[ وله الحكم ] أى وله القضاء النافذ، والفصل بين العباد
[ وإليه ترجعون ] أي اليه وحده مرجع الخلائق يوم القيامة، فيجازي كل عامل بعمله.
البلاغة :
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
١ - التشبيه البليغ [ بصائر للناس ] أى أعطيناه التوراة كأنها أنوار لقلوب الناس، حذف أداة الشبه ووجه الشبه فأصبح بليغا، قال في حاشية البيضاوي : أى مشبها بأنوار القلوب، من حيث إن القلوب لو كانت خالية عن أنوار التوراة وعلومها، لكانت عمياء لا تستبصر، ولا تعرف حقا من باطل.
٢ - المجاز العقلي [ أنشأنا قرونا ] المراد به الأمم أى أنهم يخلقون في تلك الأزمنة فنسب إلى القرون بطريق (المجاز العقلي ).
٣ - جناس الاشتقاق [ تصيبهم مصيبة ].
٤ - المجاز المرسل [ بما قدمت أيديهم ] والمراد بما كسبوا، وهو من باب (إطلاق الجزء وإرادة الكل )، قال الزمخشري : ولما كانت أكثر الأعمال تزاول بالأيدي، جعل كل عمل معبرا عنه باجتراح الأيدى.
٥ - حذف الجواب لدلالة السياق [ ولولا أن تصيبهم مصيبة ] حذف منه الجواب وتقديره : ما أرسلناك يا محمد رسولا إليهم، وهو من باب الإيجاز بالحذف.
٦ - التحضيض [ لولا أوتي مثل ما أوتى موسى ] أى هلا أوتي فهي للتحضيض، وليست حرف امتناع لوجود.
٧ - التعجيز [ قل فأتوا بكتاب ] فالأمر خرج عن حقيقته إلى معنى التعجيز.
٨ - طباق السلب [ إنك لا تهدي.. ولكن الله يهدي ].
٩ - المجاز العقلي [ حرما أمنا ] نسب الأمن إلى الحرم وهو لأهله.
١٠ - أسلوب السخرية والتهكم [ أين شركائي الذين كنتم تزعمون ] ؟.


الصفحة التالية
Icon