هذه هي القصة الثانية من القصص التي ذكرها الله في هذه السورة الكريمة، وهي قصة (هود) مع قومه عاد، وقد ذكرها تعالى بالإسهاب، ولهذا سميت السورة " سورة هود " ثم أعقبها بالحديث عن قصة (صالح ) مع قومه ثمود وهي القصة الثالثة في هذه السورة، ثم قصة إبراهيم ) وبشارة الملائكة له بإسحاق وهي القصة الرابعة من قصص القرآن في هذه السورة الكريمة.
اللغة :
[ مدرارأ ] كثيراً متتابعا من درت السماء تدر إذا سكبت المطر بسخاء، والمدرارُ : الكثير الذر وهو من أبنية المبالغة
[ اعتراك ] أصابك
[ ناصيتها ] الناصيةُ : منبت الشعر في مقدم الرأس
[ جبار ] الجبار : المتكبر
[ عنيد ] العنيد : الطاغي الذي لا يقبل الحق ولا يذعن له، قال أبو عبيدة : العنيد والمعاند : المعارضُ بالخلاف
[ استعمركم فيها ] جعلكم عمارها وسكانها
[ تخسير ] تضليل وإبعاد عن الخير
[ حنيذ ] مشوي يقال : حنذتُ الشاة أحنِذُها حنذأ أي شويتها
[ نكِرهم ] أنكرهم يقال : نكره وانكره واستنكره بمعنى واحد وهو أن يجده على غير ما عهده، قال الشاعر : وأنكرتني وما كان الذي نكِرت من الحوادث إلا الشيبَ والصلَعا) فجمع الشاعر بين اللغتين
[ أوجس ] استشعر وأحس
[ بعلي ] زوجى.
التفسير :
[ وإلى عاد أخاهم هودا ] أي ولقد أرسلنا إلى قبيلة عاد نبياَ منهم اسمه هود عليه السلام
[ قال يا قوم أعبدوا الله ] أي اعبدوا الله وحده دون الآلهة والأوثان
[ ما لكم من إله غيره ] أي ليس لكم معبود غير الله تعالى يستحق العبادة
[ إن أنتم إلا مفترون ] أي ما أنتم في عبادتكم غير الله، إلا كاذبون عليه جل وعلا، لأنه لا إله سواه
[ يا قوم لا أسألكم عليه أجرا ] أي لا أطلب منكم على النصح والبلاغ جزاء ولا ثوابا
[ إن أجريَ إلا على الذي فطرني ] أي ما ثوابي وجزائي إلا على الله الذي خلقني
[ أفلا تعقلون ] أي أتغفلون عن ذلك فلا تعقلون ؟ أن من يدعوكم الى الخير، دون إرادة جزاءَ منكم، هو لكم ناصح أمين ؟ والاستفهام للإِنكار والتقريع
[ ويا قوم استغفروا ربكم ] أي استغفروه من الكفر والإشراك
[ ثم توبوا إليه ] أي ارجعوا إليه بالطاعة والاستقامة على دينه والتمسك بالإيمان والتوحيد ؟
[ يرسل السماء عليكم مِدرارآ ] أي يرسل عليكم المطر غزيرا متتابعا، رُوي أن عادا كان حُبس عنهم المطر (ثلاث سنين ) حتى كادوا يهلكون، فأمرهم هود بالتوبة والاستغفار، ووعدهم على ذلك بنزول الغيث والمطر، وفي الآية دليل على أن التوبة والاستغفار، سبب للرحمة ونزول الأمطار
[ ويزدكُم قوةً إلى قوتكم ] أي ويزدكم عزا وفخارا فوق عزكم، وفخاركم، قال مجاهد : شدة الى شدتكم، فإنهم كانوا في غاية القوة والبطش حتى قالوا [ من أشد منا قوة ] ؟
[ ولا تتولوا مجرمين ] أي لا تعرضوا عما أدعوكم إليه، مصرين على الإجرام، وارتكاب الآثام
[ قالوا يا هودُ ما جئتنا ببينة ] أي ما جئتنا بحجة واضحة تدل على صدقك، وإنما قالوه لفرط عنادهم، او لشدة عَمَاهم عن الحق
[ وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك ] أى لسنا بتاركين عبادة الأصنام من أجل قولك
[ وما نحن لك بمؤمنين ] أي لسنا بمصدقين لنبؤتك ورسالتك، والجملة تقنيط من دخولهم في دينه، ثم نسبوه إلى آلخَبَل والجنون فقالوا
[ إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ] أي ما نقول إلا أصابك بعض آلهتنا بجنون، لمًا سببتَها ونهيتنا عن عبادتها، قال الزمخشري : دلت أجوبتهم المتقدمة على أن القوم كانوا جفاة، غلاظ الأكباد، لا يلتفتون إلى النصح، ولا تلين شكيمتهم للرشد، وقد دل قولهم الأخير على جهل مفرط، وبله متناه، حيث اعتقدوا في حجارة أنها تنتصر وتنتقم
[ قال إني أُشهدُ الله ] أي قال لهم نبيُهم هود : إني أُشهدُ الله على نفسي


الصفحة التالية
Icon