[ واشهدوا أنى برئ مما تشركون من دونه ] أي وأشهدكم أيضا أيها القوم بأنني برئ مما تشركون من دون الله من عبادة الأوثان والأصنام
[ فكيدوني جميعا ثم لا تُنظرون ] أي فاحتالوا في هلاكي انتم وآلهتكم، ثم لا تمهلوني طرفة عين، قال أبو السعود : وهذا من أعظم المعجزات، فإنه عليه السلام كان رجلا مفردا بين الجم الغفير من عتاة عاد، الغلاظ الشداد، وقد حقرهم وهيجهم بانتقاص آلهتهم، وحثهم على التصدي له، فلم يقدروا على مباشرة شيء، وظهر عجزهم عن ذلك ظهورا بينا وقال الزمخشمري : من أعظم الآيات ان يُواجه بهذا الكلام رجل واحد، أمة عطاشا إلى إراقة دمه، يرمونه عن قوس واحدة، وذلك لثقته بربه وأنه يعصمه منهم، فلا تنشب فيه مخالبهم، ومثله قول نوح عليه السلام [ فأجمعوا أمركم وشركاءكم ] ثم قال لهم
[ اني توكلتُ على الله ربي وربكم ] أي إني لجأت إلى الله وفوضت أمري إليه تعالى، مالكي ومالككم
[ ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ] أي ما من نسمة تدب على وجه الأرض، إلا هي في قبضته وتحت قهره، والأخذُ بالناصية تمثيل للملك والقهر، والجملة تعليل لقوة توكْله على الله، وعدم مبالاته بالخلق
[ إن ربى على صراط مستقيم ] أي إن ربي عادل، يجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، لا يظلم أحدأ شيئا
[ فان تولوا فقد أبلغتكم ما أُرسلت به إليكم ] أي فإن تُعرضوا عن قبول دعوتي فقد ابلغتكم آيها القوم رسالة ربي، وما على الرسول إلا البلاغ
[ ويستخلفُ ربي قوما غيركم ] أي فسوف يهلككم الله، ويستخلف قوما آخرين غيركم، وهذا وعيد شديد
[ ولا تضرونه شيئا ] أي لا تضرون الله شيئا باشراككم
[ إن ربي على كل شيء حفيظ ] أي إنه سبحانه رقيب على كل شيء، وهو يحفظني من شركم ومكركم
[ ولما جاء أمرنا ] أي ولما جاء أمرنا بالعذاب، وهو ما نزل بهم من الريح العقيم
[ نجينا هودا والذين أمنوا معه برحمة منا ] أي نجينا من العذاب هوداَ والمؤمنين، بفضل عظيم ونعمة منا عليهم
[ ونجيناهم من عذاب غليظ ] أي وخلصناهم من ذلك العذاب الشديد، وهي الريح المدمرة التي كانت تهدم المساكن، وتدخل في انوف أعداء الله وتخرج من أْدبارهم، وتصرعهم على وجوههم، حتى صاروا كأعجاز نخل خاوية
[ وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم ] الإشارة لآثارهم أي تلك آثار المكذبين من قوم عاد، انظروا ماذا حل بهم، حين كفروا بالله، وأنكروا آياته في الأنفس والأفاق الدالة على وحدانيته ؟
[ وعصوا رسله ] أي عصوا رسوله هودا، وجمعه تفظيعا لحالهم، واظهارا لكمال كفرهم وعنادهم، ببيان أن عصيانهم له عصيان لجميع الرسل السابقين واللاحقين، لاتفاق كلمتهم على التوحيد
[ واتبعوا أمر كل جبار عنيد ] أي أطاعوا أمر كل مستكبر على الله، حائد عن الحق، لا يُذعن له ولا يقبله، وهم الرؤساء والكبراء
[ وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ] أي وأُلحقوا باللعنة والطرد من رحمة الله في الدنيا
[ ويوم القيامة ] أي ويوم القيامة أيضا تلحقهم اللعنة، قال الرازي : جعل اللعن رديفاً لهمِ ومتابعا ومصاحبا في الدنيا والآخرة، ومعنى اللعنة الإبعادُ من رحمة الله تعالى ومن كل خير
[ ألا إن عادا كفروا ربهم ] هذا تشنيع لكفرهم، وتهويل بحرف التنبيه وبتِكرار اسم (عاد) أي ألا فانتبهوا أيها القومُ، إن عادا كفروا بربهم إذ عبدوا غيره، وجحدوا بنعمته إذ كذبوا رسوله، فاستحقوا اللعنة في الدنيا، واللعنة في الآخرة
[ ألا بعدا لعاد قوم هود ] أي أبعدهم الله من الخير، وأهلكهم عن بكرة أبيهم، وهي جملة دعائية بالهلاك واللعنة
[ وإلى ثمود أخاهم صالحآ ] أي ولقد أرسلنا إلى قوم ثمود نبيا منهم وهو (صالح ) عليه السلام
[ قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ] أي اعبدوا الله وحده، ليس لكم رب معبود سواه


الصفحة التالية
Icon