[ لنكفرن عنهم سيئاتهم ] اي لنمحون عنهم سيئاتهم التي سلفت منهم، بسبب لى إيمانهم وعملهم الصالح
[ ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون ] أى ونجزيهم بأحسن أعمالهم الصالحة وهي الطاعات
[ ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ] أي أمرناه أمرا مؤكدا، بالإحسان إلى والديه غاية الإحسان، لأنهما سبب وجوده ولهما عليه غاية الفضل والإحسان، الوالد بالإنفاق، والوالدة بالاشفاق، قال الصاوي : وإنما أمر الله الأولاد ببر الوالدين دون العكس، لأن الأولاد جبلوا على القسوة، وعدم طاعة الوالدين، فكلفهم الله بما يخالف طبعهم، والأباء مجبولون على الرحمة والشفقة بالأولاد، فوكلهم لما جبلوا عليه
[ وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ] أي وإن بذلا كل ما في وسعهما، وحرصا كل الحرص، على أن تكفر بالله، وتشرك به ما لا يصح أن يكون إلها ولا يستقيم، فلا تطعهما في ذلك، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله
[ إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ] أي إلى مرجع الخلائق جميعا، مؤمنهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، فيجازي كلا بما عمل، وفيه وعد حسن لمن بر والديه واتبع الهدى، ووعيد لمن عق والديه واتبع سبيل الردى
[ والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين ] أي لندخلنهم في زمرة الصالحين في الجنة، قال القرطبي : كرر تعالى التمثيل بحالة المؤمنين العاملين، لتحريك النفوس إلى نيل مراتبهم، وفي [ الصالحين ] مبالغة أي الذين هم في نهاية الصلاح وأبعد غاياته.. ولما ذكر تعالى ما أعده للمؤمنين الخلص، ذكر حال المنافقين المذبذبين فقال سبحانه
[ ومن الناس من يقول آمنا بالله فإن أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ] أي ومن الناس فريق يقولون بألسنتهم آمنا بالله، فإذا أوذي أحدهم بسبب إيمانه، ارتد عن الدين، وجعل ما يصيبه من أذى الناس، سببا صارفا له عن الإيمان، كعذاب الله الشديد الذي يصرف الإنسان عن الكفر، قال المفسرون : والتشبيه [ كعذاب الله ] من حيث إن عذاب الله مانع للمؤمنين من الكفر، فكذلك المناققون جعلوا أذاهم مانعا لهم من الإيمان، وكان مقتضى إيمانها أن يصبروا ويتشجعوا، ويروا في العذاب عذوبة، وفي المحنة منحة، فإن العاقبة للمتقين، قال الإمام الفخر : أقسام المكلفين ثلاثة : مؤمن ظاهر بحسن اعتقاده، وكافر مجاهر بكفره وعناده، ومذبذب بينهما يظهر الإيمان بلسانه، ويضمر الكفر في فؤاده، فلما ذكر تعالى القسمين بقوله [ فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ] ذكر القسم الثالث هنا [ ومن الناس من يقول آمنا بالله ] واللطيفة في الآية : أن الله أراد بيان شرف المؤمن الصابر، وخسة المنافق الكافر، فقال هناك : أوذي المؤمن فى سبيل الله، ليترك دينه فلم يتركه، وأوذي المنافق ببعض الأذى، فترك الله بنفسه، وكان يمكنه أن يظهر موافقتهم، ويكون قلبه مطمئنا بالإيمان، ومع هذا لم يفعله بل ترك الله بالكلية
[ ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم ] أي ولئن جاء نصر قريب للمؤمنين، وفتح ومغانم لهم، قال أولئك المنافقون : إنا كنا معكم ننصركم على أعدائكم، فقاسمونا فيما حصل لكم من الغنائم، قال تعالى ردا عليهم
[ أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين ] ؟ استفهام تقريري، أي أوليس الله هو العالم بما انطوت عليه الضمائر، من خير وشر ؟ وبما في قلوب الناس من إيمان ونفاق ؟ بلى انه بكل شيء عليم.. ثم أكد تعالى ذلك بقوله


الصفحة التالية
Icon