[ وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين ] أي وليظهرن الله لعباده حال المؤمنين، وحال المنافقين، حتى يتميزوا عنهم، فيفتضح المنافق، ويظهر شرف المؤمن الصادق، قال المفسرون : والمراد [ وليعلمن الله ] إظهار علمه للناس حتى يصبح معلوما لديهم، وإلا فالله عالم بما كان، وما يكون، وما هو كائن، لا تخفى عليه خافية، فهو إذا علم إظهار لإبداء، لا علم غيب وخفاء، بالنسبة لله تعالى، وقد فسر ابن عباس العلم بمعنى الرؤية
[ وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ] أي قال الكفار للمؤمنين : اكفروا كما كفرنا، واتبعوا ديننا، ونحن نحمل عنكم الإثم والعقاب، إن كان هناك عقاب قال ابن كثير : كما يقول القائل : افعل هذا وخطيئتك في عنقي فإن قيل [ ولنحمل ] صيغة أمر، فكيف يصح أمر النفس من الشخص ؟ فنقول : الصيغة أمر، والمعنى شرط وجزاء، أي إن اتبعتمونا حملنا خطاياكم
[ وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء ] أي وما هم حاملين شيئا من خطاياهم، لأنه لا يحمل أحد وزر أحد
[ إنهم لكاذبون ] أي وإنهم لكاذبون فى ذلك، ثم قال تعالى :
[ وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ] أي وليحملن أوزارهم، وذنوب من أضلوهم، دون أن ينقص من ذنوب أولئك شيء، كما في الحديث (ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه، من غير أن ينقص من آثامهم شيء
[ وليسألن يوم القيامة ] أى وليسألن سؤال توبيخ وتقريع
[ عما كانوا يفترون ] أي عما كانوا يختلقونه من الكذب على الله عز وجل.. ثم ذكر تعالى لرسوله (ص) (قصة نوح ) تسلية له عما يلقاه من أذى المشركين فقال سبحانه :
[ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ] أي ولقد بعثنا نوحا إلى قومه، فمكث فيهم تسعمائة وخمسين سنة، يدعوهم إلى توحيد الله جل وعلا، وكانوا عبدة أصنام فكذبوه
[ فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ] أي فأهلكهم الله بالطوفان، وهم مصرون على الكفر والضلال، قال ابو السعود : والطوفان : كل ما يطوف بالشىء على كثرة وشدة، من السيل والريح والظلام، وقد غلب على طوفان الماء قال الرازي : وفي قوله [ وهم ظالمون ] إشارة إلى لطيفة، وهي أن الله لا يعذب على مجرد وجود الظلم، وإنما يعذب على الإصرار على الظلم، ولهذا قال [ وهم ظالمون ] يعني أهلكهم وهم مصرون على ظلمهم
[ فأنجيناه وأصحاب السفينة ] أي فأنجينا نوحا من الغرق ومن ركب معه في السفينة، من أهله وأولاده وأتباعه المؤمنين
[ وجعلناها آية للعالمين ] أي وجعلنا تلك الحادثة الهائلة، عظة وعبرة للناس بعدهم، ليتعظوا بها
[ وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ] يخبر تعالى عن عبده ورسوله وخليله [ إبراهيم ] إمام الحنفاء، أنه دعا قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، والإخلاص له في التقوى، وطلب الرزق منه وحده، وتوحيده في الشكر، فإنه المشكور على النعم لا مسدى لها غيره
[ ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ] أي عبادة الله وتقواه، خير لكم من عبادة الأوثان، إن كنتم تعلمون الخير من الشر وتفرقون بينهما
[ إنما تعبدون من دون الله أوثانا ] أي أنتم لا تعبدون شيئا ينفع أو يضر، وإنما تعبدون أصناما من حجارة، صنعتموها بأيديكم
[ وتخلقون إفكا ] أي وتصنعون كذبا وباطلا، قال ابن عباس : تنحتون وتصورون إفكأ (( هذا هو الظاهر أنها من الخلق وهو قول مجاهد والحسن واختاره ابن جرير، وقيل : إنه من الاختلاق اي تختلقون وتقولون الكذب ))
[ إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا ] أي إن هؤلاء الذين تعبدونهم لا يقدرون على أن يرزقوكم
[ فابتغوا عند الله الرزق ] أي فاطلبوا الرزق من الله وحده، فإنه القادر على ذلك