[ واعبدوه واشكروا له ] أي وخصوه وحده بالعبادة، واخشعوا واخضعوا له، واشكروه على نعمه التي أنعم بها عليكم
[ إليه ترجعون ] أي إليه لا إلى غيره مرجعكم يوم القيامة، فيجازي كل عامل بعمله
[ وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ] لما فرغ من بيان التوحيد، أتى بعده بالتهديد أى وإن تكذبوني فلن تضروني بتكذيبكم، وإنما تضرون أنفسكم، فقد سبق قبلكم أمم كذبوا رسلهم، فحل بهم عذاب الله، وسيحل بكم ما حل بهم (( قال ابن كثير : والظاهر من السياق أن كل هذا من كلام إبراهيم الخليل عليه السلام، يحتج به عليهم لإثبات المعاد، لقوله بعد هذا كله ﴿فما كان جواب قومه ﴾ وذهب الامام الطبرى إلى ان هذا من كلام الله تعالى لكفار مكة، ويراد به تسلية النبي (ص) وليس من كلام إبراهيم، وما ذهب إليه ابن كثير أظهر، والله أعلم ))
[ وما على الرسول إلا البلاغ المبين ] أي وليس على الرسول، إلا تبليغ أوأمر الله، وليس عليه هداية الناس، ومعنى [ البلاغ المبين ] أي الذى يبين لمن سمعه ما يراد به، ويفهم منه ما يعني به
[ أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده ] الاستفهام للتوبيخ لمنكري الحشر، أي أولم ير المكذبون بالدلائل الساطعة كيف خلق تعالى الخلق إبتداءا من العدم ؟ ليستدلوا بالخلقة الأولى على الإعادة في الحشر ؟ قال قتادة : المعنى أولم يروا بالدلائل والنظر كيف يمكن أن يعيد الله الأجسام بعد الموت ؟
[ إن ذلك على الله يسير ] أي سهل عليه تعالى، فكيف ينكرون البعث والنشور ؟ فإن من قدر على البدء قدر على الإعادة، قال القرطبي : ومعنى الآية على ما قاله البعض : أولم يروا كيف يبدىء الله الثمار فتحيا، ثم تفنى ثم يعيدها أبدا، وكذلك يبدأ خلق الإنسان ثم يهلكه بعد أن خلق منه ولدا، وخلق من الولد ولدا، وكذلك سائر الحيوان، فإذا رأيتم قدرته على الإبداء والايجاد، فهو القادر على الإعادة، لأنه إذا أراد أمرا قال له كن فيكون
[ قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ] أي قل لهؤلاء المنكرين للبعث سيروا في أرجاء الأرض، فانظروا كيف أن الله العظيم القدير، خلق الخلق على كثرتهم، وتفاوت هيئاتهم، واختلاف ألسنتهم وألوانهم وطبائعهم ؟ وانظروا إلى مساكن القرون الماضية، وديارهم وآثارهم، كيف أهلكهم الله ؟ لتعلموا بذلك كمال قدرة الله عز وجل !
[ ثم الله ينشىء النشأة الآخرة ] أي ثم هو تعالى ينشئهم عند البعث نشأة أخرى
[ إن الله على كل شيء قدير ] أي لا يعجزه تعالى شيء ومنه البدء والإعادة
[ يعذب من يشاء ويرحم من يشاء ] أي هو الحاكم المتصرف الذي يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، فله الخلق والأمر، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون
[ وإليه تقلبون ] أي إليه ترجعون يوم القيامة
[ وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا فى السماء ] أي لا تفوتون من عذاب الله، وليس لكم مهرب في الأرض ولا في السماء! ! قال القرطبي : والمعنى ؟ لو كنتم في السماء ما أعجزتم الله، كقوله [ ولو كنتم فى بروج مشيدة ]
[ وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ] أي ليس لكم غير الله، ولى يحميكم من بلائه، ولا نصير لنصركم من عذابه
[ والذين كفروا بآيات الله ولقائه ] أي كفروا بالقرآن والبعث
[ أولئك يئسوا من رحمتي ] أي أولئك المنكرون الجاحدون، قنطوا من رحمتي، قال ابن جرير : وذلك في الآخرة عند رؤية العذاب
[ وأولئك لهم عذاب أليم ] أي لهم عذاب موجع مؤلم
[ فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه ] أي فما كان رد قومه عليه، حين دعاهم إلى الله، ونهاهم عن الأصنام، إلا أن قال كبراؤهم المجرمون : اقتلوه لتستريحوا منه، أو حرقوه بالنار
[ فأنجاه الله من النار ] أي فألقوه في النار، فجعلها الله بردا وسلاما عليه