لا تزال الآيات تتحدث عن قصة ضيوف اِبراهيم، وهم الملائكة الذين مروا عليه، وهم بطريقهم لإِهلاك قوم لوط، وبشروه بالبشارة السارة بولادة غلام له، وقد ذكرت الآيات مرورهم على (لوط ) وما حل بقومه من النكال والدمار، وهي القصة الخامسة، لم ذكرت قصة (شعيب ) مع أهل مدين، وقصة (موسى) مع فرعون، وفي جميع هذه القصص عبر وعظات.
اللغة :
[ الروع ] الخوف والفزع
[ منيب ] الإنابة : الرجوع وا لتوبة
[ عصيب ] شديد في الشر، قال الشاعر : وِانك إِلأ تُرض بكرَ بن وائل! يكن لك يوم بالعراق عصيب
[ يهرعون ] يسرعون قال الفراء : الإهراع الإسراع مع رِعدة يقال أُهرع الرجل إهراعأ أي أسرع فى رعدة من برد أو غضب )
[ تُخزون ] أخزاه : أهانه وأذله، قال حسان : فأخزاكَ ربي يا عُتَيبَ بن مالكٍ ولقاك قبل الموتِ إِحدى الصواعق
[ سجيل ] السجينوالسجيل : الشديد من الحجر قال أبو عبيدة، وقال الفراء : طينْ طبخ حتى صار كالآجر
[ منضود ] متتابع بعضه فوق بعض في النزول
[ مسومة ] معلمة من السيما وهي العلامة
[ شقاقي ] الشقاق : العداوة قال الشاعر : ألا من مبلغ عنى رسولآ فكيف وجدتم طعم الشقاق
[ رهطك ] رهط الرجل : عشيرته التي يتقوى بهم
[ الورد ] المدخل
[ الرفد ] العطاء والإعانة.
التفسير :
[ فلما ذهبَ عن إبراهيم الروع ] أي فلما ذهب عن إبراهيم الخوفُ الذي أوجسه في نفسه، واطمأن قلبه لضيوفه، حين علم أنهم ملائكة
[ وجاءته البشرى ] أي جاءته البشارة بالولد
[ يجادلنا في قوم لوط ] أي أخذ يجادل ملائكتنا في شأن إهلاك قوم لوط، وغرضُه تأخير العذاب عنهم لعلهم يؤمنون، قال المفسرون : لما قالت الملائكة :[ إنا مهلكو أهل هذه القرية ] قال لهم : أرأيتم إن كان فيها خمسون من المسلمين أتهلكونهم ؟ قالوا : لا، قال : فأربعون ؟ قالوا : لا، فما زال يتنزل معهم حتى قال لهم : أرأيتم إن كان فيها رجل واحد مسلم أتهلكونهم ؟ قالوا : لا، فقال لهم [ ان فيها لوطا، قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينْه وأهله اِلا امرأته كانت من الغابرين ]
[ ان إبراهيم لحليم ] أي غير عجول في الانتقام من المسيء إِليه
[ أواه ] أي كثير التأوه والتأسف على الناس، لرقة قلبه،
[ منيب ] رجاع إِلى طاعة الله
[ يا إبراهبم أعرض عن هذآ ] أي قالت الملائكة : يا إبراهيم دع عنك الجدال في قومِ لوط، فقد نفذ القضاء بعذابهم
[ اِنه قد جاء أمر ربك ] أي جاء أمر الله بإهلاكهم
[ واِنهم آتيهم عذاب غير مردود ] اي نازل بهم عذاب غير مصروف عنهم ولا مدفوع
[ ولما جاءت رسلُنا لوطآ سيء بهم ] أي ولما جاءت الملائكة (لوطا) أصابه سوء وضجر، لأنه ظن أنهم من البشر، فخاف عليهم من قومه
[ وضاقَ بهم ذرعا ] أي ضاق صدره بمجيئهم، خشيةْ عليهم من قومه الأشرار
[ وقال هذا يوم عصيب ] أي شديد في الشر
[ وجاءه قومُه يُهرعون إِليه ] أي جاء قومه يسرعون إِليه، لطلب الفاحشة بالضيوف، كأنهم يدفعون إِلى ذلك دفعا
[ ومن قبلُ كانوا يعملون السيئات ] أي ومن قبل ذلك الحين، كانت عادتهم إِتيان الرجال وعمل الفاحشة، فلذلك لم يستحيوا حين جاءوا يهرعون لها مجاهرين، قال القرطبي : وكان سبب اِسراعهم ان امرأة (لوط ) الكافرة لما رأت الأضياف وجمالهم، خرجت حتى أتت مجلس قومها فقالت لهم : إِن لوطاً قد أضاف الليلة فتيةَ ما رآيت مثلهم جمالا! ! فحينئذ جاءوا يُهرعون إليه
[ قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم ] أي قال لهم لوط : هؤلاء نساء البلدة أُزوجكم بهن، فذلك أطهر لكم وأفضل، وِانما قال [ بناتي ] لأن كل نبى أب لأمته في الشفقة والتربية
[ فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي ] أي اخشوا عذاب الله، ولا تفضحوني وتهينوني في ضيوفي
[ أليس منكم رجل رشيد ] أي استفهام توبيخ أي أليس فيكم رجل عاقل يمنع عن القبيح ؟