[ إني أراكم بخير ] أي إني أراكم في سعة، تغنيكم عن نقص الكيل والميزان، قال القرطبي : أي في سعة من الرزق، وكثرفي من النعم
[ وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ] أي إِني أخاف عليكم إن لم تؤمنوا عذاب يوم مهلك، لا يفلت منه أحد، والمراد به عذاب يوم القيامة
[ ويا قوم أوفوا المكيالَ والميزان بالقسط ] أى أتموا الكيل والوزن للناس بالعدل
[ ولا تبخسوا الناسَ أشياءهم ] أي لا تُتقصوهم من حقوقهم شينأ
[ ولا تعثوا في الأرض مفسدين ] أي ولا تسعوا بالفساد في الأرض، والعثى أشد الفساد
[ بقية الله خير لكم إِن كنتم مؤمنين ] أي ما أبقاه آلله لكم من الحلال خير مما تجمعونه من الحرام، إن كنتم مصدقين بوعد الله ووعيده، وقال مجاهد : أي طاعة الله خير لكم
[ وما أنا عليكم بحفيظ ] أي ولستُ برقيب أحفظ عليكم أعمالكم وأجازيكم بها، وِانما أنا ناصح مبلغ، وقد أعذر من أنذر
[ قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد أباؤنا ] لما أمرهم شعيب عليه السلام بعبادة الله تعالى وترك عبادة الأوثان، وبإِيفاء الكيل والميزان، ردوا عليه على سبيل السخرية والاستهزاء فقالوا : أصلاتك تدعوك لأن تأمرنا بترك عبادة الأصنام التي عبدها أباونا ؟ إِن هذا لا يصدر عن عاقل
[ أو أن نفعلَ في أموالنا ما نشاء ] أي وتأمرك بأن نترك تطفيف الكيل والميزان ؟ ! قال الإمام الفخر : إن شعيبا أمرهم بشيئين : بالتوحيد، وترك البخس، فأنكروا عليه أمره بهذين النوعين فقوله [ ما يعبد أباونا ] إِشارة إِلى (التوحيد) وقوله [ نفعل في أموالنا ] إشارة إلى (ترك البخس ) وقد يراد بالصلاة : الدينُ، والمعنى : دينُك يأمرك بذلك ؟ وأطلق عليه الصلاة لأنها أظهر شعار الدين، وروي أن شعيبا كان كثير الصلاة، وكان قومه إِذا رأوه يصلى تغامزوا وتضاحكوا، فقصدوا بقولهم [ أصلاتك تأمرك ] السخرية والهزء، كما إِذا رأيت معتوهاً يطالع كتبا ثم يذكر كلاما فاسداَ، فتقول : هذا من مطالعة تلك الكتب ؟
[ إِنك لأنتَ الحليمُ الرشيد ] أي إنك لأنت العاقل، المتصف بالحلم والرشد ؟ قال الطبري : يستهزئون به، فاِنهم أعداء الله قالوا له ذلك استهزاء، وإنما سفهوه وجهلوه بهذا الكلام
[ قال يا قوم أرأيتم اِن كنتُ على بينة من ربي ] أي قال لهم شعيب : أخبروني إِن كنت على برهان من ربي وهو الهداية والنبوة
[ ورزقني منه رزقا حسنأ ] أي أعطاني المال الحلال، فقد كان عليه السلام كثير المال، قال الزمخشري : والجواب محذوف دل عليه آلمعنى أي أخبروني اِن كنت على حجة واضحة، ويقين من ربي، وكنتُ نبيا على الحقيقة، أيصح لي أن لا أمركم بترك عبادة الأوثان، والكف عن المعاصي ؟ والأنبياء لا يُبعثون إِلا لذلك
[ وما أريد أن أخالفكم إِلى ما أنهاكم عنه ] أي لست أنهاكم عن شيء وأرتكبه وإنما آمركم بما أمر به نفسي
[ إِن أريد اِلا الإصلاح ما استطعت ] أي لا أريد فيما آمركم به وأنهاكم عنه، إِلا إِصلاحكم وِاصلاح أمركم بقدر استطاعتي
[ وما توفيقي اِلا بالله ] أي ليس التوفيق إِلى الخير إِلا بتأييده سبحانه ومعونته
[ عليه توكلت وإليه أنيب ] أي على الله سبحانه اعتمدت في جميع أموري، وِاليه تعالى أرجع بالتوبة والإِنابة
[ ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي ] أي لا يكسبنكم عداوتي
[ أن يصيبكم مثلُ ما أصابَ قومَ نوح أو قومَ هود أو قومَ صالح ] أي يصيبكم العذابُ كما أصاب قوم نوح بالغرق، وقوم هود بالريح، وقوم صالح بالرجفة، وقال الحسن : المعنى : لا يحملنكم معاداتي على ترك الإيمان، فيصيبكم ما أصاب الكفار
[ وما قومُ لوطِ منكم ببعيد ] أي وما ديار الظالمين من قوم لوط بمكان بعيد عنكم، أفلا تتعظون وتعتبرون ! ؟


الصفحة التالية
Icon