[ ذلك من أنباء القرى نقصه عليك ] أى ذلك القصص من أخبار القرى التي أهلكنا أهلها، بكفرهم وتكذيبهم الرسل، نقصه عليك يا أيها الرسول، ونخبرك عنه بطريق الوحي
[ منها قائم وحصيد ] أي من هذه القرى ما هو عامر، قد هلك أهلُه وبقي بنيانُه، ومنها ما هو خراب قد اندثر بأهله، فلم يبق له أثر كالزرع المحصود
[ وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم ] أي وما ظلمناهم بإهلاكهم بغير ذنب، ولكن ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي، فاستحقوا عذاب الله ونقمته
[ فما أغنت عنهم آلهتهم التى يدعون من دون الله من شيء ] أي ما نفعتهم آلهتهم التي عبدوها من دون الله، ولا دفعت عنهم شيئا من عقاب الله وعذابه
[ لما جاء أمر ربك ] أي حين جاء قضاء الله بعذابهم
[ وما زادوهم غيرتتبيب ] أي وما زادتهم تلك الآلهة غير تخسير وتدمير
[ وكذلك أخذ ربك إذا أخَذَ القرى وهي ظالمة ] أي مثل ذلك الأخذ والإهلاك، الذي أخذ الله به أهل القرى الظالمين المكذبين، يأخذ تعالى بعذابه الفجرة الظلمة، قال الألوسي : وفي الآية من إنذار الظالم ما لا يخفى، كما قال عليه السلام :(إِن الله ليُملي للظالم حتى إذآ أخذه لم يفلته ) ثم قرأ الآية
[ اِن أخذه أليم شديد ] أي إِن عذابه موجع شديد، وهذا مبالغة في التهديد والَوعيد
[ إِن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ] أي إِن في هذه القصص والأخبار، لعظة وعبرة لمن خاف عذاب الله، وعقابه في الآخرة
[ ذلك يوم مجموع له الناس ] أي يجتمع فيه الخلائق للحساب والثواب والعقاب
[ وذلك يوم مشهود ] أي يشهده أهل السماء والأرض، والأولون والأخرون، قال ابن عباس : يشهده البر والفاجر
[ وما نؤخره إلا لآجل إلا معدود ] أي ما نؤخر ذلك اليوم يوم القيامة إِلا لزمن معيَّن، سَبَق به قضاء الله، لا يتقدم عليه ولا يتأخر
[ يوم يأت لاتَكَلمُ نفس إِلا باِذنه ] أي يوم يأتي ذلك اليوم الرهيب لا يتكلم أحد إِلا بإِذن الله تعالى
[ فمنهم شقي وسعيد ] أي فمن أهل آلموقف شقى، ومنهم سعيد كقوله [ فريق في الجنة وفريق في السعير ]
[ فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق ] أي فأما الأشقياء الذين سبقت لهم الشقاوة، فاِنهم مستقرون في نار جهنم، لهم فيها من شدة كربهم [ زفير ] وهو إِخراج النفَس بشدة [ وشهيق ] وهو رد النفس بشدة، قال الطبري : صوتُ الكافر في النار صوت الحمار، أوله زفير وآخره شهيق
[ خالدين فيها ما دامت السموات والأرض ] أي ماكثين في جهنم أبدا على الدوام، ما دامت السموات والأرض، قال الطبري : إِن العرب إِذا ارادت أن تصف الشيء بالدوام أبدا قالت : هذا دائمَ دوام السموات والأرض، بمعنى أنه دائم أبدا، فخاطبهم جل ثناؤه بما يتعارفون به بينهم، وقال ابن زيد : ما دامت السماء سماء والأرض أرضا، والمعنى خالدين فيها أبدا وقال الزمخشري : فيها وجهان : أحدهما : ان تراد سموات الآخرة وأرضها وهي دائمة مخلوقة للأبد، والثاني : ان يكون عبارة عن التأييد ونفي الانقطاع
[ إِلا ما شاء ربك ] الاستثناء في أهل التوحيد، لأن لفظة [ شقوا ] تعم الكفار والمذنبين، فاسثنى الله من خلود أهل الشقاوة، العصاةَ من المؤمنين، فإِنهم يُطَهرون في نار جهنم، ثم يخرجون منها بشفاعة سيد المرسلين، ويدخلهم الله الجنة ويقال لهم :[ طبتم فادخلوها خالدين ]
[ إِن ربك فعال لما يريد ] أي يفعل ما يريد يرحم ويعذب كما يشاء ويختار، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه


الصفحة التالية
Icon