* هذا هو جو السورة، وهذه إيحاء اتُها ورموزُها.. تُبشر بقرب النصر، لمن تمسك بالصبر، وسار على طريق الأنبياء والمرسلين، والدعاة المخلصين، فهي سلوى للقلب، وبلسم للجروح، وقد جرت عادة القرآن الكريم، بتكرير القصة في مواطن عديدة، بقصد (العظة والإعتبار) ولكن بإيجاز دون توسع، لإستكمال جميع حلقات القصة، وللتشويق إلى سماع الأخبار، دون سآمة أو ملل، وأما سورة يوسف فقد ذُكرت حلقاتها هنا متتابعة بإسهاب وإطناب، ولم تكرر في مكان اخر، كسائر قصص الرسل، لتشير إلى " إعجاز القرآن " في المجمل والمفصل، وفي حالتى الإيجاز والإطناب، فسبحان المَلِك العلي الوهاب.
* قال العلامة القرطبي :(ذكر الله أقاصيص الأنبياء في القرآن، وكررها بمعنى واحد، في وجوه مختلفة، وبألفاظ متباينة، على درجات البلاغة والبيان، وذكر قصة يوسف عليه السلام ولم يكررها، فلم يقدر مخالف على معارضة المكرَّر، ولا على معارضة غير المكرر، والإعجاز واضح لمن تأمل ). وصدق الله [ لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب.. ] !.
تفسيرسورة يوسف
قال الله تعالى :[ آلر تلك أيات الكتاب المبين.. إلى قوله تعالي آتيناه حكما وعلماً وكذلك نجزي المحسنين ]. من آية ( ١ ) إلى نهاية آية (٢٢).
اللغة :
[ المبين ] الظاهر الجلي
[ القصص ] إتباعُ الخبر بعضُه بعضا وأصله قي اللغة المتابعة
[ وقالت لأخته قصيه ] أي إتبعي أثَره، والمراد بالقَصَص الأخبار التي قصها علينا الله في كتابه العزيز
[ الرؤيا ] خاصة بالمنام وأما باليقظة فهي بالتاء ة الرؤية، قال الألوسى : مصدر رأى الحلمية الرؤيا ومصدر البصرية الرؤية، ولهذا خُطىء المتنبي في قوله :" ورؤياكَ أحلى في العيون من الغَمض "
[ يجتبيك ] الإجتباء : الإصطفاء والإختيار، وأصله من جبيتُ الشيء أي حصلته
[ عصبة ] جماعة، قال الفراء : ما زاد على العشرة، والعصبة والعصابة العشرة فصاعدا
[ اطرحوه ] الطرح : رمي الشيء وإلقاؤه
[ غيابة الجب ] قعره وغوره سمي به لغيبته عن عين الناظر
[ يرتع ] يتسع في أكل ما لذ وطاب، قال الراغب : الرتع حقيقته في أكل البهائم، ويستعار للإنسان إذا أريد به الأكل الكثير، قالت الخنساء : ترتَعُ ما رتَعَت حتى إذا ادكرت فإنما هيَ إقبال وإدبار
[ السيارة ] المسافرين
[ سولت ] زينت
[ واردهم ] الوارد الذي يَرِدُ الماء ليستقي للقوم.
سبب النزول :
روي أن اليهود سألوا رسول الله (ص) عن قصة يوسف وما حصل له مع إخوته من أولاد يعقوب، فنزلت السورة.
التفسير :
[ الر ] إشارة إلى الإعجاز، فمن هذه الحروف وأمثالها تتألف آيات الكتاب المعجز(٣)
[ تلك آيات الكتاب المبين ] أي تلك الآيات التي أنزلت إليك أيها الرسول هي آيات الكتاب المعجز في بيانه، الساطع في حججه وبراهينه، الواضح في معانيه، الذي لا تشتبه حقائقه، ولا تلتبس دقائقه
[ إنا أنزلناه قرآنا عربياً ] أي أنزلناه بلغة العرب كتابا عربيا مؤلفا من هذه الأحرف العربية
[ لعلكم تعقلون ] أي لكى تعقلوا وتدركوا أن الذي يصنع من الكلمات العادية في هذا الكتاب المعجز، ليس بشرا، وإنما هو إله قدير، وهذا الكلام وحي منزل من رب العالمين
[ نحن نقص عليك أحسن القصص ] أي نحن نحدثك يا محمد، ونروي لك أخبار الأمم السابقة، بأصدق كلام، وأحسن بيان
[ بما أوحينا إليك هذا القرآن ] أي بإيحائنا إليك هذا القرآن، المعجز
[ وإن كنتَ من قبلهِ لمن الغافلين ] أي وإن الحال والشأن أنك كنت من قبل أن نوحي إليك هذا القرآن لمن الغافلين عن هذه القصة، لم تخطر ببالك، ولم تقرع سمعك، لأنك أمي لا تقرأ ولا تكتب


الصفحة التالية
Icon