[ إذ قال يوسفُ لأبيه يا أبتِ إني رأيتُ أحدَ عشر كوكبا ] من هنا بداية القصة، أي أذكر حين قال يوسف لأبيه يعقوب : يا أبي إني رأيت في المنام هذه (الرؤيا العجيبة، رأيت أحد عشر كوكبا من كواكب السماء خرت ساجدة لي
[ والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ] أي ورأيت في المنام الشمس والقمر ساجدة لي مع الكواكب، قال إبن عباس : كانت الرؤيا فيهم وحياً، قال المفسرون : والكواكب الأحد عشر كانت إخوته، والشمس والقمر أبواه، وكان سنه إذ ذاك إثنتي عشرة سنة، وبين هذه الرؤيا وإجتماعه بأبيه وإخوته في مصر أربعون سنة(١)
[ قال يا بُني لا تقصص رؤياك على إخوتك ] أي قال له يعقوب : لا تخبر بهذه الرؤيا إِخوتك
[ فيكيدوا لك كيدا ] أي فيحتالوا لإهلاكك حيلة عظيمة، لا تقدر على ردها
[ إن الشيطان للإنسان عدو مبين ] أي ظاهر العداوة، قال أبو حيان : فهم يعقوب من رؤيا يوسف أن الله تعالى يبلغه مبلغا من الحكمة، ويصطفيه للنبوة، وينعم عليه بشرف الدارين، فخاف عليه من حسد إخوته، فنهاه أن يقص رؤياه عليهم
[ وكذلك يجتبيك ربك ] أي وكما أراك مثل هذه الرؤيا العظيمة، كذلك يختارك ربك للنبوة
[ و يعلمك من تأويل الأحاديث ] أي يعلمك تفسير الرؤيا المنامية
[ ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب ] أي يتمم فضله وإنعامه عليك وعلى ذرية أبيك يعقوب
[ كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحق ] أي كما أكمل النعمة من قبل ذلك على جدك (إبراهيم ) وجدك (إسحق ) بالرسالة والإصطفاء
[ إن ربك عليم حكيم ] أي عليم بمن هو أهل للفضل، حكيم في تدبيره لخلقه
[ لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين ] أي لقد كان في خبر يوسف وإخوته الأحد عشر عبر وعظات للسائلين عن أخبارهم
[ إذ قالوا لَيوسُفَ وأخوه أحب إلى أبينا منا ] هذه هي (المحنة الأولى) ليوسف عليه السلام أي حين قالوا : والله ليوسفُ وأخوه " بنيامين " أحب منا عند أبينا، أرادوا أن زيادة محبته لهما، أمر ثابث لا شبهة فيه، وإنما قالوا [ وأخوه ] وهم جميعا إخوة لأن أم يوسف وبنيامين واحدة وهم أخوة من أبيه
[ ونحن عصبة ] أي والحال نحن جماعة ذوو عدد، نقدر على النفع والضر، بخلاف الصغيرين
[ إن أبانا لفي ضلال مبين ] أي إنه في خطأ ظاهر، وخروج عن الصواب بيّن واضح، لإيثاره يوسف وأخاه علينا بالمحبة، قال القرطبي : لم يريدوا ضلالَ الدين إذ لو أرادوه لكفروا، وإنما أرادوا أنه في خطأ بين في إيثار إثنين على عشرة(٣)
[ اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا ] أي أقتلوا يوسف أو ألقوه في أرض بعيدة مجهولة
[ يخل لكم وجهُ أبيكم ] أي فعند ذلك يخلص ويصفو لكم حب أبيكم، فيُقبل عليكم، قال الرازي : المعنى إن يوسف شغله عنا وصَرَف وجهه إليه، فإذا فقده أقبل علينا بالمحبة والميل ( ٤)
[ وتكونوا من بعده قوما صالحين ] أي وتتوبوا من بعد هذا الذنب، وتصبحوا قوما صالحين
[ قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب ] أي قال لهم أخوهم " يهوذا " وهو أكبر ولد يعقوب : لا تقتلوا يوسف بل ألقوه في قعر الجب وغوره
[ يلتقطه بعضُ السيارة ] أي يأخذه بعض المارة من المسافرين
[ إن كنتم فاعلين ] أي إن كان لا بد من الخلاص منه، فاكتفوا بذلك، وكان رأيه في أخيه أهون شرا من رأي غيره
[ قالوا يا أبانا مَالَكَ لا تَأمَنا على يوسفَ ] المعنى : أي شيء حدث لك حتى لا تأمنا على أخينا يوسف ؟ ونحن جميعا أبناؤك ؟
[ وإنا له لناصحون ] أي ونحن نشفق عليه، ونريد له الخير، قال المفسرون : لما أحكموا العزم ذكروا هذا الكلام، وأظهروا عند أبيهم أنهم في غاية المحبة ليوسف، وفي غاية الشفقة عليه، ليستنزلوه عن رأيه، في تخوفه منهم، وكأنهم قالوا : لِمَ تخافنا عليه ؟ ونحن نحبه ونريد الخير به ! !


الصفحة التالية
Icon