[ أرسله معنا غدا يرتَع ويلعب ] أي أرسله معنا غداً إلى البادية، يتسع في أكل ما لذ وطاب، ويلهو ويلعب بالاستباق وغيره
[ وإنا له لحافظون ] أي ونحن نحفظه من كل سوء ومكروه، أكدوا كلامهم ب (إن ) و(اللام ) وهم كاذبون
[ قال إني ليحزنني أن تذهبوا به ] أي قال لهم يعقوب : إنه ليؤلمني فراقه لقلة صبري عنه
[ وأخاف أن يأكله الذئبُ وأنتم عنه غافلون ] أي وأخاف أن يفترسه الذئب، في حال غفلتكم عنه، وكأنه لقنهم الحجة، قال الزمخشري : إعتذر اليهم بشيئين : أحدهما : أن ذهابهم به ومفارقته إياه مما يحزنه، لأنه كان لا يصبر عنه ساعة، والثاني : خوفه عليه من الذئب إذا غفلوا عنه برعيهم ولعبهم
[ قالوا لئن أكله الذئب ونحن عُصبة إنا إذا لخاسرون ] اللام للقسم أي والله لئن أكله الذئب ونحن جماعة أقوياء أشداء، إنا لمستحقون أن يُدعى علينا بالخسارة والدمار
[ فلما ذهبوا به ] في الكلام محذوف أي فأرسله معهم فلما أخذوه وإبتعدوا به عن أبيه
[ وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب ] أي عزموا واتفقوا على إلقائه في غور الجب
[ وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون ] أي أوحينا إلى يوسف لتخبرن إخوتك، بفعلهم هذا الذي فعلوه بك، وهم لا يشعرون في ذلك الوقت أنك يوسف، قال الرازي : وفائدة هذا الوحي تأنيسُه، وتسكينُ نفسه، وإزالة الغم والوحشةِ عن قلبه، بأنه سيحصل له الخلاص من هذه المحنة
[ وجاءو أباهم عشاءَ يبكون ] أي رجعوا إلى أبيهم وقت العشاء ليلا وهم يبكون، روي أنه لما سمع (يعقوب ) بكاءهم فزع، وقال : ما لكم يا بَني، وأين يوسف ؟
[ قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق ] أي نتسابق في العَدو، أو في الرمي
[ وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب ] أي تركنا يوسف عند ثيابنا وحوائجنا ليحفظها، فجاء الذئب فإفترسه
[ وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ] أي لست بمصدق لنا في هذه المقالة، ولو كنا في الواقع صادقين، فكيف وأنت تتهمنا وغير واثق بقولنا ؟ وهذا القول منهم يدلُ على الإرتياب، وكما قيل في المَثَلِ :(يكاد المريبُ يقول : خذوني )
[ وجاءو على قميصه بدم كذب ] أي جاءوا على ثوبه بدم كاذب، وُصِف بالمصدر مبالغة كأنه نفسُ الكذب وعينُه، قال إبن عباس : ذبحوا شاة ولطخوا بدمها القميص، فلما جاءوا يعقوب قال : كذبتم لو أكله الذئب لخرقَ القميص وروي أنه قال :" ما أحلم هذا الذئب، أكل إبني ولم يشق قميصه " ؟ !
[ قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا ] أي زينت لكم أنفسكم أمرا في يوسف، وليس كما زعمتم أن الذئب أكله
[ فصبر جميل ] أي أمري صبر جميل لا شكوى فيه
[ والله المستعانُ على ما تصفون ] أي وهو سبحانه عوني، على تحمل ما جئتم به من الكذب
[ وجاءت سيارة ] أي قوم مسافرون مروا بذلك الطريق، قال إبن عباس : جاء قوم يسيرون من مدين إلى مصر فأخطئوا الطريق، فانطلقوا يهيمون حتى هبطوا على الأرض التي فيها جب يوسف، وكان الجب في قفرة بعيدة عن العمران
[ فأرسلوا واردهم ] أي بعثوا من يستقي لهم الماء
[ فأدلى دلوه ] أي أرسل دلوه في البئر، قال المفسرون : لما أدلى الواردُ دلوه، وكان يوسف في ناحية من قعر البئر، تعلق بالحبل فخرج، فلما رأى حسنه وجماله نادى
[ قال يا بشرى هذا غلام ] قاله على سبيل السرور والفرح، لتبشير نفسه وجماعته، قال أبو السعود : كأنه نادى البشرى وقال تعالي فهذا أوانك حيث فاز بنعمة جليلة
[ وأسروه بضاعة ] أي أخفوا أمره عن الناس، ليبيعوه في أرض مصر متاعا كالبضاعة، والضمير يعود على الوارد وجماعته
[ والله عليم بما يعملون ] أي لا يخفى عليه سبحانه أسرارهم، وما عزموا عليه في أمر يوسف


الصفحة التالية
Icon