[ وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ] اي ولهم عذاب موجع بسبب كفرهم واشراكهم، قال البيضاوي : والآية كالتعليل لما سبق، فإنه لما كان المقصود من البدء والاعادة، مجازاة المكلفين على اعمالهم، كان مرجع الجميع اليه لا محالة
[ هو الذي جعل الشمس ضياء ] الآية للتنبيه على دلائل القدرة والوحدانية أى هو تعالى بقدرته جعل الشمس مضيئة ساطعة بالنهار، كالسراج الوهاج
[ والقمر نورا ] أى وجعل القمر منيرا بالليل وهذا من كمال رحمته بالعباد، ولما كانت الشمس اعظم جرما خصت بالضياء، لانه هو الذي له سطوع ولمعان، قال الطبري : المعنى اضاء الشمس وانار القمر
[ وقدره منازل ] أى قدر سيره في منازل وهي البروج
[ لتعلموا عدد السنين والحساب ] أى لتعلموا ايها الناس حساب الاوقات، فبالشمس تعرف الايام، وبسير القمر تعرف الشهور والاعوام
[ ما خلق الله ذلك الا بالحق ] أى ما خلق تعالى ذلك عبثا، بل لحكمة عظيمة، وفائدة جليلة
[ يفصل الآيات لقوم يعلمون ] اي يبين الآيات الكونية، ويوضحها لقوم يعلمون قدرة الله، ويتدبرون حكمته، قال ابو السعود : أى يعلمون الحكمة في ابداع الكائنات، فيستدلون بذلك على شئون مبدعها جل وعلا
[ إن في اختلاف الليل والنهار ] أى في تعاقبهما يأتي الليل فيذهب النهار، ويأتي النهار فيذهب الليل
[ وما خلق الله في السموات والأرض ] أى وما اوجد فيهما من اصناف المصنوعات
[ لآيات لقوم يتقون ] أى لآيات عظيمة، وبراهين جليلة، على وجود الصانع ووحدته، وكمال علمه وقدرته، لقوم يتقون الله ويخافون عذابه
[ إن الذين لا يرجون لقاءنا ] أى لا يتوقعون لقاء الله اصلا، ولا يخطر ببالهم، فقد اعمتهم الشهوات، عن التصديق بما بعد الممات
[ ورضوا بالحياة الدنيا ] أى رضوا بالدنيا عوضا من الآخرة، وآثروا الخسيس على النفيس
[ واطمأنوا بها ] أى فرحوا بها وسكنوا اليها
[ والذين هم عن آياتنا غافلون ] أى وهم عن الادلة المنبثة في صحائف الأكوان غافلون، لا يعتبرون فيها ولا يتفكرون
[ أولئك مأواهم النار ] أى مسكنهم ومقامهم النار
[ بما كانوا يكسبون ] أى بسبب كفرهم واجرامهم، وبعد ان ذكر الله حال الاشقياء اردفه بذكر حال السعداء فقال سبحانه
[ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم ] أى يهديهم الى طريق الجنة بسبب إيمانهم
[ تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم ] أى تجري من تحت قصورهم الانهار، او من تحت اسرتهم، وهم مقيمون في جنات النعيم
[ دعواهم فيها سبحانك اللهم ] أى دعاؤهم في الجنة (سبحانك اللهم ) وفي الحديث (يلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون النفس ) أى كما يتنفس الانسان بدون تعب، فكلامهم وذكرهم في الجنة تسبيح الله
[ وتحيتهم فيها سلام ] أى وتحية بعضهم بعضا سلام عليكم كما تحييهم بذلك الملائكة [ والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم ]
[ وآخر دعواهم أن الحمد لله ربى العالمين ] أى وآخر دعائهم ان يقولوا : الحمد لله ربى العالمين
[ ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير ] قال مجاهد : هو دعاء الرجل على نفسه او ولده اذا غضب (اللهم اهلكه، اللهم لا تبارك فيه ) قال الطبري : المعنى لو يعجل الله اجابة دعاء الناس في الشر، وفيما عليهم فيه مضرة، كاستعجاله لهم في الخير بالاجابة اذا دعوه به
[ لقضي إليهم أجلهم ] أى لهلكوا وعجل لهم الموت (( وقال بعض المفسرين : نزلت في كفار مكة حيث قالوا ﴿اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء﴾ قال الزمخشري : يعني : لو عجلنا لهم الشر الذي دعوا به كما نعجل لهم الخير ونجيبهم إليه لأميتوا وأهلكوا ))
[ فنذر الذين لا يرجون لقاءنا ] أى فنترك المكذبين بلقائنا الذين لا يؤمنون بالبعث