[ في طغيانهم يعمهون ] أى في تمردهم وعتوهم يترددون تحيرا، والمعنى : نترك المجرمين ونمهلهم ونفيض عليهم النعم مع طغيانهم لتلزمهم الحجة
[ وإذا مس الإنسان الضر ] أى وإذا اصاب الانسان الضر من مرض او فقر او نحو ذلك
[ دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما ] أى دعانا في جميع الحالات : مضطجعا او قاعدا او قائما، لكشف ذلك الضر عنه
[ فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الى ضر مسه ] أى فلما أزلنا ما به من ضر استمر على عصيانه، ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء او تناساه، وهو عتاب لمن يدعو الله عند الشدة، ويغفل عنه عند العافية
[ كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ] أى كما زين لذلك الانسان الدعاء عند الضر والاعراض عند الرخاء كذلك زين للمسرفين المتجاوزين الحد في الاجرام، ما كانوا يعملونه من الاعراض عن الهدى، ومتابعة الشهوات
[ ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا ] اي ولقد أهلكنا الامم من قبلكم ايها المشركون لما كفروا واشركوا وتمادوا في الغى والضلال
[ وجاءتهم رسلهم بالبينات ] أى جاءوهم بالمعجزات الباهرة، التي تدل على صدقهم
[ وما كانوا ليؤمنوا ] أى وما آمنوا بما جاءتهم به الرسل، أى أنهم ظلموا وما آمنوا فكان سبب اهلاكهم شيئان : ظلمهم، وعدم ايمانهم
[ كذلك نجزي القوم المجرمين ] أى مثل ذلك الجزاء - يعني الاهلاك - نجزي كل مجرم، وهو وعيد لاهل مكة على تكذيبهم رسول الله (ص)
[ ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم ] أى ثم استخلفناكم في الارض يا اهل مكة، من بعد اهلاك اولئك القرون، التي تسمعون اخبارها وتشاهدون آثارها
[ لننظر كيف تعملون ] أى لننظر أتعملون خيرا ام شرا فنجازيكم على حسب عملكم، قال القرطبي : والمعنى : يعاملكم معاملة المختبر اظهارا للعدل وقال في التسهيل : معناه ليظهر في الوجود عملكم فتقوم عليكم به الحجة والغرض ان الله تعالى عالم بأعمالهم من قبل ذلك، ولكن يختبرهم ليتبين في الوجود، ما علمه تعالى أزلا
[ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ] أى واذا قرئت على المشركين آيات القرآن المبين، حال كونها واضحات لا لبس فيها ولا اشكال
[ قال الذين لا يرجون لقاءنا ] أى قال الذين لا يؤمنون بالبعث والحساب، ولا يرجون الاجر والثواب
[ ائت بقرآن غير هذا ] أى ائت يا محمد بكتاب آخر غير هذا القرآن، ليس فيه ما نكرهه من عيب آلهتنا، وتسفيه احلامنا،
[ أو بدله ] بأن تجعل مكان آية عذاب، آية رحمة، ومكان سب آلهتنا مدحهم، ومكان الحرام حلالا، وانما قالوه على سبيل الاستهزاء والسخرية، قال ابن عباس : نزلت في المستهزئين بالقرآن من اهل مكة قالوا يا محمد : ائتنا بقرآن غير هذا فيه ما نسألك
[ قل ما يكون لي ان أبدله من تلقاء نفسي ] أى قل لهم يا محمد : ما ينبغي ولا يصح لي ان اغير او ابدل شيئا من قبل نفسي
[ إن أتبع إلا ما يوحى الى ] أى لا اتبع الا ما يوحيه الى ربي، فأنا عبد مأمور، ورسول مبلغ، أبلغكم رسالة الله
[ إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ] أى اني اخشى ان خالفت امره، وبدلت وحيه، عذاب يوم شديد الهول هو " يوم القيامة " وهذا كالتعليل لما سبق
[ قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ] أى قل لهم يا محمد لو شاء الله ما تلوت هذا القرآن عليكم، وما تلوته الا بمشيئته تعالى، لانه من عنده وما هو من عندي
[ ولا أدراكم به ] أى ولا اعلمكم به على لساني
[ فقد لبثت فيكم عمرا من قبله ] أى فقد مكثت بين اظهركم زمنا طويلا، مدة (اربعين سنة) من قبل نزول القرآن لم احدثكم به، ولا اتلوه عليكم