[ يوسف أعرض عن هذا ] أي يا يوسف أكتم هذا الأمر، ولا تذكره لأحد، يقول سيد قطب عليه الرحمة والرضوان : وهنا تبدو صورة من الطبقة الراقية في المجتمع الجاهلي، رخاوة في مواجهة الفضائح الجنسية، وميل إلى كتمانها عن المجتمع، فيلتفت العزيز إلى يوسف البريء، ويأمره بكتم الأمر وعدم إظهاره لأحد، ثم يخاطب زوجهُ الخائن بأسلوب اللباقة، في مواجهة الحادث الذي يثير الدم في العروق
[ واستغفري لذنبك ] أي توبي وأطلبي المغفرة من هذا الذنب القبيح، وكأن هذا هو المهمُّ، محافظة على الظواهر
[ إنكِ كنتِ من الخاطئين ] أي من القوم المتعمدين للذنب، وفي هذا إشارة الى أن العزيز كان قليل الغَيرة، حيث لم ينتقم ممن أرادت خيانته، وتدنيس فراشه بالإثم والفجور، قال ابن كثير : كان زوجها لين العريكة سهلا، أو أنه عذرها لأنها رأت ما لا صبر لها عنه
[ وقال نسوة في المدينة ] أي قال جماعة من النساء في مدينة مصر، روي أنهن خمس نسوة : إمرأة ساقي العزيز، وإمرأة الحاجب، وإمراة الخباز، وإمرأة صاحب الدواب، وإمرأة صاحب السجن قالة ابن عباس وغيره، و الأظهر أن تلك الواقعة شاعت في البلد، واشتهرت وتحدث بها النساء
[ امرأة العزيز تراودُ فتاها عن نفسه ] أي امرأة عزيز مصر تطلب من خادمها وعبدها أن يواقعها، وتخادعه وتتوسل اليه لقضاء وطرها منه، وتصريحهن بإضافتها إلى العزيز مبالغة في التشنيع، لأن النفوس أميل لسماع أخبار ذوي الجاه، وعبرن ب [ تراود ] للدلالة على أن ذلك صار سجية لها، فهي دائما تخادعه عن نفسه لأن المضارع يفيد التجدد والاستمرار
[ قد شغفها حبا ] أي بلغ حبه شَغَاف قلبها، وشقه حتى وصل إلى فؤادها
[ إنا لنراها في ضلال مبين ] أي إنا لنعتقد أنها في ضلال عن طريق الرشد واضح بسبب حبها إياه
[ فلما سمعت بمكرهن ] أي فلما سمعت بحديثهن، وسماه (مكرا) لأنه كان في خفية، كما يخفي الماكر مكره
[ أرسلث إليهن ] أي أرسلت إليهن تدعوهن إلى منزلها لحضور وليمة، قال المفسرون : دعت أربعين امرأة من الذوات
[ وأعتدت لهن متكا ] أي هيأت لهن ما يتكئن عليه من الفرش والوسائد (( يقول الشهيد سيد قطب عليه الرحمة والرضوان : لقد أقامت لهن مأدبة فى قصرها، وندرك من هذا أنهن كن نساء (الطبقة الراقية) فهن اللواتي يدعين إلى المآدب في القصور، وهن اللواتي يؤخذن بهذه الوسائل الناعمة المظهر، ويبدو أنهن يأكلن وهن متكئات على الوسائد والحشايا، وأعدت لهن هذا المتكأ واتت كل واحدة منهن سكينا تستعملها في الطعام، ويؤخذ من هذا صورة الترف والحضارة المادية التي كان عليها اهل القصور، وبينما هن منشغلات بتقطيع اللحم أو تقشير الفاكهة فاجأتهن بيوسف فلما رأينه بهتن لطلعته ودهشن، وجرحن أيديهن بالسكاكين))
[ وآتت كل واحدة منهن سكينا ] في الكلام محذوف أي قدمت لهن الطعام وأنواع الفاكهة، ثم أعطت كل واحدة منهن سكينا لتقطع به
[ وقالت أخرج عليهن ] أي وقالت ليوسف وهن مشغولات بتقشير الفاكهة والسكاكين في أيديهن : أخرج عليهن فلم يشعرن إلا ويوسف يمر من بينهن
[ فلما رأينه أكبرنَه ] أي فلما رأين يوسف أعظمنه وأجللنه، وبهتن من جماله ودُهشن
[ وقطعن أيديهن ] أي جرحن أيديهن بالسكاكين لفرط الدهشة المفاجئة
[ وقلن حاش لله ] أي تنزه الله عن صفات العجز، وتعالت عظمته في قدرته على خلق مثله
[ ما هذا بشرا ] أي ليس هذا من البشر
[ إن هذآ الا ملك كر يم ] أي ما هو إلا مَلَك مِن الملائكة، فإن هذا الجمال الفائق، والحسن الرائع، مما لا يكاد يوجد في البشر


الصفحة التالية
Icon